إن المرجع في حصول هذا الاستيلاء أيضا هو العرف، لأن الاستيلاء والسيطرة أمر عرفي فلابد في تعيين مفادهما من الرجوع إلى العرف، وهو يختلف في نظرهم بحسب ما استولى عليه، مثلا الاستيلاء على الدار والدكان والخان وأمثالها فهو بأن يكون ساكنا في الدار ومشغولا بكسبه في الدكان والخان، وإما بأن تكون أبوابها مغلقة والمفتاح في يده، وفي الأراضي بالزرع والغرس وأمثال ذلك، وفي الدواب بربطها في إصطبله أو ركوبها أو كون زمامها بيده نعم ربما يتزاحم هذه الجهات بعضها مع بعض، مثلا لو كان أحد الشخصين راكبا على الدابة وبيد الآخر زمامها، وكل واحد منهما ادعى ملكية تمامها، ففي مثل هذا الفرض إذا حكم العرف بتقديم إحدى الجهتين وأنها المناط في تحقق الاستيلاء فهو، وإلا فان حكم بوجود الاستيلاء وتحققه بالنسبة إلى كل واحد منهما فيدخل في مسألة تحقق يدين على مال واحد كشريكين في دار أو دكان أو غيرهما، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى. وإلا فإن لم يحكم بشئ منهما فتسقط كلتا الجهتين عن الاعتبار، ولا يحكم بتحقق اليد لكل واحد منهما.
ولا يخفى أنه من الممكن أن يكون الاستيلاء على شئ لشخصين أو أكثر كما في الشريكين أو الشركاء، فبناء على اعتبار اليد وحجيته يثبت الملكية لجميعهم. وإلى هذا يرجع ما اشتهر بين الفقهاء من أن تحقق اليدين على مال واحد يرجع إلى ثبوت يد واحدة تامة مستقلة على نصف ذلك المال، والثلاث إلى الثلث، والأربع إلى الربع وهكذا.
ثم إنه لا شك في أن يد الودعي والمستأجر والمستعير والوكيل يد المودع والمؤجر والمعير والموكل مع اعترافهم بهذه العناوين. وبعبارة أخرى: كل أمين من طرف المالك إذا اعترف بأنه أمين من قبله فيكون يده يد ذلك الشخص.