الرواية أنه لا يزكى منهما لا أنه لا يجب فيهما الزكاة أو بلغا النصاب. * مسألة: وزكاة الزرع والثمار بعد المؤنة كأجرة السقي والعمارة والحصاد والجدات والحافظة وبعد حصرته وبه قال أكثر أصحابنا واختار الشيخ أيضا في النهاية وذهب إليه عطا وقال في المبسوط والخلاف المؤنة على رب المال دون الفقراء وهو قول الفقهاء الأربعة والأقرب الأول. لنا: أنه مال مشترك بين المالك والفقراء فلا يختص أحدهم بالحيازة عليه كغيره من الأموال المشتركة ولان المؤنة سبب في الزيادة فيكون على الجميع ولان إلزام المالك بالمؤنة كلها حيف عليه وإضرار به وهو منفي ولان الزكاة مساواة فلا يتعقب الضرر ولأنها في الغلاة يجب في النماء وإسقاط حق الفقراء من المؤنة مناف احتج المخالف بقوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر ولقوله عليه السلام ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة والجواب: العشر إنما يجب في النماء والفائدة وذلك لا يتناول المؤنة ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال ويترك للحارس الغدق والغدقان والحارس يكون في النخل ينظره فيترك ذلك لعياله وإذا ثبت ذلك في الحارس ثبت في غيره ضرورة عدم القائل بالفرق. فروع:
[الأول] البذر من المؤنة لان الزكاة إنما تجب في النماء وليس هو منه ولان إيجاب الزكاة في البذر يستلزم تكرير وجوب الزكاة في الغلات وقد اجتمع المسلمون على خلافه. [الثاني] المؤنة تخرج وسطا من المالك والفقراء فما فضل وبلغ نصابا أخذ من العشر ونصفه. [الثالث] خراج الأرض يخرج وسطا ثم يترك ما بقي إن بلغ نصابا إذا كان المالك مسلما وهو مذهب علمائنا وأكثر الجمهور وقال أبو حنيفة لا زكاة في الأرض الخراجية.
لنا: قوله تعالى: (وما أخرجنا إلى الأرض) وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال فيما سقت السماء العشر وذلك عام ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنهما قالا له هذه الأرض التي يزارع أهلها ما ترى فيها فقال كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فيها فعليك بما أخرج الله منها الذي قاطعتك عليه وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر إنما العشر عليك فيما يحصله في يدك بعد مقاسمته لك وعن صفوان ابن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر قال وما أخذ بالسيف فذلك إلى الامام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر قبل سوادها وبياضها يعني أرضها ونخلها والناس يقولون لا تصلح قبالة الأرض والنخل وقد قيل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر على المسلمين سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر في حصصهم ولأنهما حقان مختلفان لمستحقين متغايرين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم فجاز اجتماعهما كالعادة والقيمة في الصيد المملوك احتج المخالف بقوله عليه السلام لا يجمع العشر والخراج في أرض مسلم ولأنهما حقان سبباهما متنافيان فلا يجتمعان لزكاة السائمة والتجارة وبيان الثاني أن الخراج وجب عقوبة لأنه جزئه الأرض والزكاة وجب شكرا والجواب عن الأول: رواية عنبسة وهو ضعيف ومع ذلك فهو محمول على الخراج الذي هو جزئه حينئذ لا يجتمعان وليس البحث فيه لأنه يتكلم في زرع المسلم وعن الثاني: بالفرق بين زكاة التجارة والسائمة وصورة النزاع لان التجارة وزكاة السوم زكاتان ولا يزكى المال من وجهين أما الخراج فليس زكاة لان الخراج يلزم الأرض والزكاة في الردع والمستحقان مختلفان وقوله الخراج وجب عقوبة مسلم في حق الذي أما في حق المسلم فهو خراج وليس عقوبة قال قد روى الشيخ في الصحيح عن رفاعة بن موسى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل له الضيعة فيؤدي خراجها هل عليه فيها عشر قال لا وعن أبي كهمش عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أخذ من السلطان الخراج فلا زكاة عليه في جميع ما يخرج الأرض بل يجب عليه بعد الخراج. * مسألة: ويجوز الخرص على أرباب النخل والكرم وتضمنهم الخارص حصة الفقراء وبه قال أكثر الفقهاء وقال أبو حنيفة لا يجوز الخرص. لنا: ما رواه الجمهور عن عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم وخرص رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى امرأة بوادي القرى حديقة لها وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله بن رواحة إلى يهود فخرص عليهم النخل حتى يصيب قبل أن يؤكل منه ولان أرباب الثمار يحتاجون إلى الأكل والتصرف في ثمارهم فلو لم يشرع الخرص لزم الضرر احتجوا بأن الخرص تخمين وحرز فلا يجوز العمل به والجواب أنه تخمين مشروع لأنه إجهاد في مؤنة القدر فجرى مجرى تقويم المتسلقات. فروع: [الأول] وقت الخرص بدو الصلاح لأنه وقت الامن الحاجة وذهاب الثمار ولان فائدة الخرص معرفة الزكاة وأطلق أهل الثمرة في التصرف وذلك إنما يحتاج إليه حين وجوب الزكاة وهو بدو الصلاح ولان النبي صلى الله عليه وآله إنما كان يبعث الخارص ذلك الوقت. [الثاني] قال الشيخ يجزي الخارص الواحد وبه قال المالك وأحمد والشافعي في أحد القولين في الآخر قال لا يجزي إلا الاثنان. لنا: ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله بعث عبد الله بن رواحة خارصا ولم يذكر معه غيره ولأنه يقدر على حسب اجتهاده فهو بمنزلة الحاكم احتج المخالف بأن النبي صلى الله عليه وآله بعث عبد الله بن رواحة وغيره ولان الخارص يقدر الواجب فجرى مجرى التقويم والجواب: المعارضة بما رويناه ويحتمل أن يكون الآخر معينا وكاتبا ويحتمل أن يكون ذلك في وقت آخر ولأنه جائز والبحث في الوجوب والفرق بين الخارص والمقوم أن المقوم ناقل إلى الحاكم فاعتبر العدد كالشهادة. [الثالث] يفتقر كون الخارص أمينا لعدم الوثوق بقول الفاسق ولو كانا اثنين كان أفضل لزيادة الظن حينئذ. [الرابع] إن كانت الثمرة نوعا واحدا طاف الخارص بكل نخلة أو شجرة وقدرها فيها رطبا وعنبا ثم جمع الكل وقدره تمرا أو زبيبا وإن كانت أنواعا مختلفة خرص كل نوع على حده لاختلاف الأنواع في كثرة التمر وقلته فإن الطبرزد سيكثر ثمره لكثرة تخمه وقلة رطوبته والتزين بعكس ذلك فإذا بلغ الأوساق وجب الزكاة وإلا فلا. [الخامس] إذا عرف الخارص المقدر تخير المالك بين تركه في يديهم أمانة إذا كانوا أهلا لذلك ويكن تضمينهم حق الفقراء ويضمن الملاك حقوقهم فإن ضمنوا تصرفوا كيف شاءوا