وقال آخرون منهم هي أن لا يشاهدها رجل مسلم فإن شاهدها صبي أو امرأة أو كافر لم يخرج عن الخلوة وقال آخرون منهم هي استعمالها للماء من غير مشاركة الرجل وإن خلت به في بعض أعضائها أو في تجديد طهارة أو استنجاء أو غسل نجاسة فعندهم وجهان المنع لأنها طهارة شرعية والجواز لان إطلاق الطهارة ينصرف إلى طهارة الحدث الكاملة ولو خلت به ذمية في اغتسالها فوجهان عندهم أيضا المنع لأنها أدنى حالا من المسلمة وأبعد من الطهارة وقد تعلق بغسلها حكم شرعي وهو حل وطيها إذا اغتسلت من الحيض وأمرها به إن كان من جنابة والجواز أن طهارتها لا تصح فهي كتبريدها أما لو خلت به المرأة في تبردها أو تنظفها وغسل ثوبها من الوسخ فلا يؤثر لأنه ليس بطهارة وإنما يؤثر الخلوة في الماء القليل عندهم لان حقيقة النجاسة والحدث لا يمنع ولا يؤثر فتوهم ذلك أولى وإنما يمنع الرجل خاصة لا المرأة وهل يجوز للرجل غسل النجاسة فيه وجهان عندهم المنع لأنه مائع لا يرفع حدثه فلا يزيل النجاسة كسائر المائعات والجواز لأنه ما يزيل النجاسة بمباشرة المرأة فيزيلها إذا فعله الرجل كسائر المياه والمنع تعبدي لا يعقل معناه فلا يتعدى وهذه الفروع ساقطة عندنا لان الخلوة لا تصلح المنع من الاستعمال.
[الفصل الثاني] في الحيض، وهو في اللغة السيل يقال حاض الوادي إذا سال وقال الشاعر أجالت حصاهن إلا هوية الروادي وحيضت عليهن حيضات السيول الطواخم و هو في الشرع عبارة عن الدم الذي تعلق بانقضاء العدة اما بطهوره أو بانقطاعه أو يقال هو الدم الأسود الخارج بحرارة غالبا على وجه يتعلق به أحكام مخصوصة ولقليله حد وأعلم ان الحيض دم يرخيه الرحم مع بلوغ المرأة ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة معلومة لحكمة تربية الولد فإذا حملت صرف الله تعالى بعنايته ذلك الدم إلى تغذيته وإذا وضعت أعدم الله عنه الصورة الدموية وكساه الصورة اللبنية فاغتذى به الطفل ولأجل ذلك قل ما تحيض المرضع والحامل فإذا خلت المرأة من الحمل والرضاع بقي الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ثم يخرج غالبا في كل شهر ستة أيام أو سبعة وقد يزيل ويقل ويطول زمان حقانه ويقصر بحسب ما ركبه الله في الطبائع وقد رتب الشارع على الحيض أحكاما نحن نذكرها على الاستقصاء بعون الله تعالى والنظر هنا يتعلق بماهيته ووقته وأحكامه فها هنا مباحث. [البحث الأول] قد عرفت أن الحيض هو الدم الأسود العبيط الحار يخرج بقوة ودفع غالبا والعبيط هو الطري وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ما عدا البياض الخالص حيض وهو حق إن كان في زمن العادة. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال دم الحيض عبيط أسود ومحتدم والمحتدم الحار كأنه محرق يقال احتدم النهار إذا أشتد حره. ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن حفص بن البختري قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) امرأة سألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري حيض هو أو غيره قال فقال لها: إن دم الحيض حار عبيط أسود له دفع وحرارة ودم الاستحاضة أصفر بارد فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة قال فخرجت وهي تقول والله لو كان امرأة ما زاد على هذا وروى في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ان دم الاستحاضة والحيض ليسا يخرجان من مكان واحد دم الاستحاضة بارد ودم الحيض حار وروي في الصحيح عن إسحاق بن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد احتج أبو حنيفة بما رووه عن عائشة أنها قالت لا تعجلن حتى ترين القطنة البيضاء وهذا ما لا نعرفه قياسا والظاهر أنها قالت سماعا والجواب:
يجوز أن يكون ذلك اجتهادا ويجوز أن يكون راجعا إلى أيام العادة ونحن نقول به. * مسألة: لو أشتبه بدم العذرة اعتبر فيه بانغماس القطنة فمعه يكون حيضا ومع الطوق يكون دم عذرة لما رواه الشيخ عن زياد بن سوقة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تمسك الكرسف فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فإنه من العذرة يغتسل وتمسك معها قطنة وتصلي فإن خرج الكرسف منغمسا بالدم فهو من الطمث تقعد عن الصلاة أيام الحيض وروي عن خلف بن حماد قال قلت لأبي الحسن الماضي (عليه السلام) وكيف لها أن تعلم من الحيض هو أو من العذرة قال تستدخل قطنة ثم تخرجها فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة وإن خرجت منتقعة بالدم فهو من الطمث ورواه أيضا ابن يعقوب في كتابه عن خلف أيضا عن أبي الحسن (عليه السلام) ولو أشتبه دم الحيض بدم القرح فلتدخل إصبعها فإن كان خارجا من الجانب الأيسر فهو دم حيض وإن كان خارجا من الأيمن فهو دم قرح ذكره الشيخ وابن بابويه ورواه في التهذيب عن محمد بن يحيى رفعه عن أبان قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) فتاة منا بها قرحة في جوفها والدم سائل لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة قال مرها فلتستلق على ظهرها وترفع رجليها و تستدخل إصبعها الوسطى فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة وكذا ذكره ابن يعقوب في كتابه عن محمد بن يحيى أيضا وهذه الرواية منافية لما ذكره الشيخ وابن بابويه وقال ابن الجنيد ان دم الحيض يخرج من الجانب الأيمن ودم الاستحاضة يخرج من الجانب الأيسر. * مسألة: لا حيض مع صغر السن ولا مع كبره فحد الصغر ما نقص عن تسع سنين لان الصغيرة لا تحيض لقوله تعالى:
(واللائي لم يحضن) ولان المرجع فيه إلى الوجود ولم يوجد من النساء من تحيض فيما دون هذا السن ولأنه تعالى إنما خلق غذاء للولد رواه ابن يعقوب في كتابه في الحسن عن سليمان بن خالد قال إن الولد في بطن أمه غذاؤه الدم فالحكمة في خلقه تربية الولد فمن لا يصلح للحمل لا يوجد فيها لانتفاء الحكمة كالمني لتقاربهما معنى فإن أحدهما يخلق معه الولد والآخر يغذيه ويربيه وكل منهما لا يوجد مع الصغر ووجود كل واحد منهما دال على