بين الطاهرين أو بين الطاهر والنجس ولا استعمالهما في الموضعين وهو اختيار أبي إسحاق المروزي من الشافعية وقال أكثرهم هو مخير بين التحري واستعمال المتيقن. لنا: ما تقدم من الأدلة المانعة من التحري لفاقد المتيقن فلوا جده أولى. [السادس] لو اشتبه بالمغصوب وجب اجتنابهما ولو تطهر بهما ففي الاجزاء نظر ينشأ من إتيانه وهو الطهارة بماء مملوك فيخرج عن العهدة ومن طهارته بما ينهى عنه فيبطل وهو الأقوى ولو غسل ثوبه بالمغصوب أو المشتبه به طهر وصحت الصلاة فيه. [السابع] لا يجب الإراقة ولا النزح عملا بالأصل وليس شرطا في التيمم لان الوجدان مفقود هنا لعدم التمكن من الاستعمال. [الثامن] لو بلغ ماؤهما كرا لم يجب النزح ولو فعل كان الجميع نجسا على ما اخترناه ويجئ على أحد قولي الشيخ وجوب النزح.
[التاسع] لو أراق أحدهما لم يجز التحري أيضا وهو أحد قولي الشافعية ووجب التيمم ومن وافقنا من الشافعية قال بعضهم يتيمم كما قلناه وقال آخرون يتوضأ لان الأصل الطهارة ونجاسته مشكوك فيها وقد زال يقين النجاسة وليس بجيد لما قلناه من وجوب الاجتناب ولو اجتهد في الصلاة الثانية بعد إراقة أحدهما فأداه اجتهاده إلى طهارة الباقي قال بعض الشافعية ولو اجتهد تيمم وعندنا الاجتهاد من أصله باطل ووافقنا الشافعي في المنع من التحري في حق الأعمى في أحد القولين وجوز له في الآخر التحري. [العاشر] كما لا يجوز التحري في الإنائين من الماء لا يجوز في غيرهما وجوز الشافعي التحري في الإنائين من السمن والدهن وغير ذلك وفي الثوبين إذا نجس أحدهما ومنع من التحري في كمي الثوب الواحد وفرق بأن النجاسة هنا قد تحققت بالثوب فلا يزول بالظن.
[الفصل الثاني] في الوضوء والنظر في الموجب والكيفية والاحكام فهي هنا مباحث الأول في موجباته: مسألة: الحدث الناقض للطهارة إما أن يوجب طهارة الصغرى لا غير وهو خمسة أشياء خروج البول والغائط والريح والنوم الغالب على الحاستين السمع والبصر وكلما (أ) زال العقل من إغماء وجنون وسكر وشبهه وأما أن يوجب الكبرى لا غير وهو الجنابة خاصة وإما أن يوجبهما معا وهو الحيض والنفاس ومس الأموات بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل وإما أن يوجب الوضوء خاصة أي في حال والأمرين في حالة الأخرى وهو الاستحاضة. مسألة: لا نعرف خلافا بين أهل العلم في أن خروج البول والغائط والريح من المعتاد ناقض للطهارة وموجب للوضوء ويدل عليه قوله تعالى: (أو جاء أحد منكم من الغائط) وما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (ع): ما ينقض الوضوء فقالا: ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الدبر والذكر من غائط أو بول أو مني أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وكل النوم يكره إلا أن يسمع الصوت وما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يوجب الوضوء إلا من غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها وما رواه في الصحيح عن سالم بن الفضيل عن أبي عبد الله (ع) قال: ليس ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك الأسفلين الذين أنعم الله بهما عليك. فروع [الأول] لو خرج أحد الثلاثة من غير المعتاد فالوجه أنه لا ينقض وقال الشيخ إن خرج البول والغائط مما دون المعدة نقض ومن فوقها لا ينقض وما اخترناه مذهب الشافعي في أحد قوليه وما اختاره الشيخ هو القول الثاني فقال أبو حنيفة: إنه ينقض مطلقا سواء خرج مما فوق المعدة أو دونها بشرط السيلان لا الريح فقد نقل الكرخي أنه لو خرج من الذكر أو من قبل المرأة لم ينقض وروي عن محمد أنه لو خرج من قبل المرأة ريح منتن نقض وللشافعي قول أن الريح ينقض سواء خرج من قبل الرجل أو دبره وكذا المرأة ويمكن خروج الريح من قبل المرأة ومن قبل الرجل إذا كان أدر. لنا: رواية أبي الفضل فإنه (ع) نفى النقض إلا مع الخروج من الطرفين وأيضا رواية زرارة فإنه (ع) أجاب عن السؤال المستوعب لكل ناقض لان ما من صنيع العموم فلو كان التخصيص بالذكر لا يقتضي وبقي الحكم عما عداه لكان تأخير البيان عن وقت الحاجة وكان في الجواب إيهاما للخطاء وذلك باطل ولان غسل غير موضع النجاسة غير معقول فتقصر على مورد الشرع ولان الأصل بقاء الطهارة فيقف انتقاضها على غير موضع الدلالة ويقول على الحنفية أن أنس بن مالك احتجم ولم يرد على غسل محاجمة وروى ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قضيت له وضوءا وقلت يا رسول الله أيجب الوضوء من القئ فقال: لو كان واجبا لوجدته في كتاب الله أتى (صلى الله عليه وآله) بحرف لو الدالة على الامتناع للامتناع ورووا عنه (صلى الله عليه وآله) قال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح فيقول لا يجب الوضوء بهذه النصوص لما دلت عليه فلا يجب في الثلاثة لأنهم لم يفصلوا ولان الخارج من غير السبيلين لو كان ناقضا لا يشترط فيه السبيلان قياسا على الخارج منهما احتج الشيخ بقوله تعالى: (أو جاء أحد منكم من الغائط) وهو مطلق سواء خرج من السبيلين أو من غيرهما لكن الخارج ما فوق المعدة لا يسمى غائطا فلا يكون ناقضة واحتج أبو حنيفة بالآية وبما روي أن فاطمة بنت أبي حنيش قالت يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر فأخاف أن لا يكون لي في الاسلام حظ فقال: إنما ذلك دم عرق وليست بالحيضة فتوضأي وصلي وكلمة أن للتعليل وأيضا هو خارج نجس من الآدمي فيؤثر في تنجيس الأعضاء الأربعة حكما إذ هو من لوازمه كما في الخارج من السبيلين والجواب عما ذكره الشيخ أن الاطلاق ينصرف إلى المعتاد فيتقيد به وأيضا فالروايات التي ذكرناها مقيدة للاطلاق وتخصيص الشيخ ليس بجيد وقد ذهب إليه الشافعي أيضا في بعض أقواله لان الغائط لغة المكان المطمئن وعرفا الفضلة المخصوصة ولا اعتبار بالمخرج في التسمية وعما ذكره أبي (أبو) حنيفة أولا من وجوه أحدها أنه (عليه السلام) يأمرها بالوضوء وإنما هو عن كلام عروة هكذا ذكره الإسكافي. [الثاني] إنه (عليه السلام) لم يذكر الدم وإنما كان عرقا على ما ذكره بعض المحدثين فحينئذ يبطل ما ذكر من التعليل. [الثالث] الاستفسار وتقريره أن يقول لم لا يجوز أن يكون المراد بالوضوء غسل مورد النجاسة بقي علينا