ما يكون بدلا منه بمعنى أنه يحصل بعض المصالح المتعلقة بذلك الشئ ويقوم مقامه لا في كل وقت بل في وقت تعذر الاتيان بالمبدل منه فالعموم لا يمكن أن يقال أنه بدل على الوجه الثاني إذ ترك المبدل منه جائز في أول الوقت إجماعا فبقي أن يكون بالمعنى الأول ويلزم ما ذكرناه ولان الموجود هو الامر بالفعل ولا دلالة على إيجاب بدله فلا دليل عليه ولأنه إذا أتى بالعزم في أول الوقت ففي ثانيه إن وجب العزم لزم تكرار بدل ما لا تكرار فيه وشأن البدل المساواة وإن لم يجب جاز ترك الفعل فيه لزم المطلوب وفي هذين نظر فالأولى الاعتماد على الأول وقولهم لو كان واجبا في أول الوقت لما جاز تركه فيه مدفوع بما حققناه في الأول من كون هذا الواجب كالواجب المخير.
* مسألة: أجمع المسلمون على أن كل صلاة من الصلوات الخمس مؤقتة بوقت معين مضبوطة وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح أنا أتلوها عليك بعون الله تعالى واعلم أن لكل صلاة وقتين أول وآخر فالوقت الأول وقت الفضيلة والآخر وقت الاجزاء اختاره السيد المرتضى وابن الجنيد وأتباعهما وقال الشيخان الوقت الأول وقت من لا عذر له والثاني وقت من له عذر.
لنا: ما رواه الشيخ عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع): أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس احتج الشيخ بما رواه عن إبراهيم الكرخي قال سألت أبا الحسن موسى (ع) متى يدخل وقت الظهر قال إذا زالت الشمس فقلت متى يخرج وقتها فقال: من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام إن وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت فمتى يدخل وقت العصر فقال: إن آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر، فقلت فمتى يخرج وقت العصر فقال: وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع فقلت له لو أن رجلا صلى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام أكان عندك غير مؤد لها فقال: إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة والوقت لم يقبل منه كما لو أن رجلا أخر العصر إلى أن تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم يقبل منه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وقت للصلاة المفروضات أوقاتا وحد لها حدودا في سنة للناس فمن رغب عن سنة من سنة الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض الله والجواب: ان الحديث دال على أن الترك رغبة عن السنة ونحن نقول بتحريم ذلك وليس البحث فيه. * مسألة: أول وقت الظهر زوال الشمس بلا خلاف بين أهل العلم قال الله تعالى:
(أقم الصلاة لدلوك الشمس) والدلوك هنا الزوال قال صاحب الصحاح وقال ابن مسعود والدلوك الغروب ونقله الجمهور عن علي (ع) والمشهور بين أهل العلم هو الأول ونقل ذلك في أحاديث أهل البيت (عل) روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عما فرض من الصلاة فقال: خمس صلوات في الليل والنهار فقلت هل سماهن الله في كتابه وبينهن فقال: نعم قال الله عز وجل: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) ودلوكها زوال الحديث وروى الجمهور عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وآله أن رجلا سأله عن وقت الصلاة فقال: صل معنا هذين اليومين فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن ثم أمره فأقام الصلاة ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة مصا (مما) بقية لم يخالطها صفرة ثم أمره فأقام المغرب حتى غابت الشمس ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر الحديث ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سعيد بن الحسن قال قال أبو جعفر (ع):
أول وقت زوال الشمس وهو وقت الله الأول وهو أفضلها وعن عيسى بن أبي منصور قال قال أبو عبد الله (ع): إذا زالت الشمس فصل سبحتك فقد دخل الوقت الظهر وروى ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا زالت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخر. * مسألة: ويستحب تأخيرها من أول الوقت بمقدار ما يصلى فيه النافلة على ما يأتي بيان وقتها ومن لم يصل لا يستحب له التأخير بل التقديم خلافا لمالك فإنه قال أحب تأخير الظهر حتى يصير الظل ذراعا. لنا: قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) وظاهر الامر الوجوب وما رواه الجمهور في حديث بريدة ومن طريق الخاصة ما تقدم ولأنه محافظة على الصلاة فكان أولى خرج عن هذا الوقت الذي يفعل فيه النافلة لمعنى فعل الطاعة وهو غير موجود في صورة الترك احتج مالك بما روي أن حائط رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامته فإذا صار الفئ ذراعا صلى الظهر والجواب: أنه محمول على أنه (ع) كان يفعل النافلة بل ذلك متعين لمحافظته على الطاعات واجبة أو مندوبة وقد ورد عن هذا التأويل في أحاديث أهل البيت (عل) روى الشيخ في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: كان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قامة فإذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لا، قال: من أجل الفريضة إذا دخل وقت الذراع والذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة ورواه ابن بابويه في الصحيح إلا أنه قال سئل أبو جعفر (ع) أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم جعل ذلك قال: لمكان النافلة لك أن يتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع الحديث ومع ذلك وهو معارض بما تقدم من الاخبار و بما نقل عن أهل البيت (عل) روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وابن وهب قال قال أبو عبد الله (ع) لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وفي الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) أصلحك الله وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره فقال:
أوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله أن الله يحب من الخير ما يعجل. * مسألة: زوال الشمس ميلها عن وسط السماء وانحرافها عن دائرة نصف النهار ويعرف بزيادة الظل بعد نقصانه بأن ينصب مقياس ويقدر ظله ثم يصير قليلا ثم يقدر ثانيا فإن كان دون الأول لم يزل وإن زاد ولم ينقص فقد زالت والضابطة في معرفة ذلك الدائرة الهندية وصفتها أن تسوى موضعا من الأرض خاليا من ارتفاع