الاسلام وعقابه عظيم قال الله تعالى: (ويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة) وقال تعالى: (ولا تحسبن الذين يبخلون بما (آتاهم) الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة) وروى الجمهور عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيمة شجاعا أقرع يفر منه وهو يتبعه حتى يطوقه في عنقه ثم قرأ علينا: (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة) ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو (يحيد) عنه فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده (فقضمها) كما يقضم الفحل ثم يصير طوقا في عنقه وذلك قول الله عز وجل:
(سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة) وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيمة بقاع قرقر تطأه كل ذات ظلف بظلفها وتنشه كل ذات ناب بنابها وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاته إلا طوقه الله عز وجل ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة وروى الشيخ عن ابن مسكان عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر فقال اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنت لا تزكون وفي الحسن عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من رجل يمنع درهما في حقه إلا اتفق اثنين في غير حقه وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه الله عز وجل به حية من نار يوم القيمة وروى ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيمة ثعبانا من نار مطوقا وعنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله عز وجل: (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة) يعني ما بخلوا من الزكاة وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم وسئل الرجعة عند الموت وهو قول الله تبارك وتعالى: (إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) وقال عليه السلام ما ضاع مال في بر أو بحر إلا بتضييع الزكاة والاخبار في ذلك كثيرة مشهورة * مسألة: (ويقاتل) مانع الزكاة حتى يؤديها وهو قول العلماء روى الجمهور أن أبا بكر قاتل مانع الزكاة وأنكر عليه عمر وقال له أتريد أن تقاتل العرب وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموني في دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله فقال أبو بكر الزكاة من حقها ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دمان في الاسلام حلال من الله تبارك وتعالى لا يقضي فيهما أحد حتى يبعث الله قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عز وجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله تعالى الزاني المحصن يرجمه ومانع الزكاة يضرب عنقه ولان المنع فسوق فيجب على الامام إزالته مع القدرة. فروع: [الأول] القتال وإن كان مباحا إلا إنا لا نحكم بكفره وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى يكفر. لنا: أن عمر وغيره من الصحابة امتنعوا من القتال ولو كانوا كفرة تقاتلوهم أما لو علم منه إنكار وجوبها فإنه يكون كافرا.
[الثاني] لا يحل سبي ذراري المانعين وإن حل قتالهم لان الجناية من غيرهم ولان سبي المانع حرام فسبي ذراريه أولى بالتحريم. [الثالث] إن ظهر المانع للامام دون ماله ضيق إليه وحبسه حتى يظهره وإن ظهره ماله ضيق عليه حتى يؤدها فإن امتنع أخذها الامام قهرا. [الرابع] ليس في المال حق سوى الزكاة والخمس والثاني يأتي البحث فيه وقال الشيخ في " الخلاف " يجب اخراج الصعب والكفر عند الصرام والحصاد وبه قال مجاهد والشعبي والأقرب الاستحباب وليس من الزكاة. لنا: قوله عليه السلام: " ليس في المال حق سوى الزكاة " واحتج الشيخ بقوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) والزكاة لا تؤتى وقت الحصاد والجواب: المراد بذلك إيجاب الحق يوم الحصاد ولو سلم المغايرة فالامر هنا للندب. {الفصل الرابع}، في بيان فضلها: وهي من أركان الدين والفرائض المجمع عليها وقد ورد في فضلها شئ كثير روى الشيخ عن معلى بن خنيس عن الصادق عليه السلام أن الله لم يخلق شيئا إلا وله خازن يخزنه إلا الصدقة فإن الرب يليها بنفسه وكان أبي إذا تصدق بشئ وضعه في يد السائل ثم ارتده منه فقبله وشمه ثم رده في يد السائل ان صدقة الليل تطفى غضب الرب تعالى وتمحو الذنب العظيم وتهون الحساب وصدقة النهار (تنمي) المال وتزيد في العمر وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الصدقة بعشرة والقرض ثمانية عشر وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين وعن سالم بن أبي حفصة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله تعالى يقول: ما من شئ إلا وقد كلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة فإني (أتلقفها) بيدي تلفقا حتى أن الرجل يتصدق بالتمرة أو بشق التمرة فأربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله يلقاها يوم القيامة وهي مثل جبل أحد وأعظم من أحد وفي الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إشباع جوعة المؤمن أو تنفس كربته أو قضاء دينه وعن عبد الله بن سنان قال أبو عبد الله عليه السلام قال من أحب الأعمال داووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة فإنها (تغل) سبع مائة شيطان وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن وهي تقع في يدي الرب قبل أن تقع في يد العبد والاخبار في ذلك كثيرة شهيرة.
{الفصل الأول} فيمن تجب الزكاة عليه، * مسألة: يشترط في وجوب زكاة الغير التكيف وهو يتضمن العقل والبلوغ فلا يجب زكاة العين من الذهب والفضة على الصبي والمجنون ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الحسن البصري وسعيد بن المسيب وسعد بن جبير والنخعي وأبو حنيفة وقال الشافعي يجب الزكاة في مالها وبه قال جابر وابن سيرين وعطا ومجاهد