فاقرأ سورة الجمعة وقل هو الله أحد وإذا كان صلاة الجمعة فاقرأ سورة الجمعة والمنافقين وإذا كان صلاة العصر يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة و قل هو الله أحد. * مسألة: قد ذكرنا أن الخطبتين شرط فلو ضاق الوقت بينهما وجب الظهر وسقطت الجمعة ذهب إليه علماؤنا وهو قول كل من جعل الخطبتين شرطا. لنا: فعل فات شرطه فيبطل قال الشيخ في المبسوط وقد روي أنه من فاته الخطبتان صلى ركعتين فعلى هذه الرواية يمكن أن يقال يصلي الجمعة ركعتين وترك الخطبتين والأول أحوط قال والوجه في هذه الرواية أن يكون مختصة بالمأموم والذي يفوته الخطبتان فأما أن يعقد الجمعة من غير خطبتين فلا يصح على حال أقول وهذا التأويل حسن يحتمله الرواية وأظن أنها رواية الحلبي في الحسن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟ فقال: يصلي ركعتين فإن فاتته الصلاة ولم يدركها فليصل أربعا ويدل على قرب تأويل الشيخ قوله في الرواية وقال إذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع. فروع: [الأول] لو أدرك الخطبتين خفيفتين وركعتين وجبت الجمعة لان فوات المستحب لا يؤثر في رفع الواجب. [الثاني] لو أدرك الخطبتين وركعة هل يصلي الجمعة أم الظهر؟ ظاهر كلامه في المبسوط أنه يصلي الظهر ولو قيل يصلي الجمعة كان حسنا. [الثالث] لو خطب وصلى وشك هل كان الوقت باقيا أو خارجا صحت صلاته لان الأصل البقاء وهو قول كل من اشترط بقاء الوقت أيضا. * مسألة: ولو أدرك مع الامام ركعة فلما سلم الامام قام ليأتي بأخرى فذكر أنه ترك سجدة ولم يدر أهي من الركعة التي أدركها مع الامام أو من الأخرى أضاف إليها سجدة لان ركعة الامام لا يسهو عليه فيها فيبقى الشك متوجها إلى الثانية وهو في موضعه فيأتي بما شك فإذا سجد ثم ذكر أن الترك كان من ركعة الامام سجد بعد الفراغ بسجدة قضاء وسجد سجدتي السهو ويكون مدركا للجمعة خلافا لبعض الجمهور وقد سلف ولو ذكر أنهما من التي انفرد بها تممها بسجدة الأولى. * مسألة: قد ذكرنا أن انفراد الجمعة شرط فلو صلى في بلد واحد جمعتان وبينهما أقل فرسخين بطلتا إن اقترنتا وإن سبقت إحديهما صحت السابقة وبطلت الأخرى سواء كانت السابقة جماعة الامام الراتب أو جماعة غيره وهو أحد قولي الشافعي وقال في القول الآخر: أنه يصح جماعة الامام الراتب سواء تقدمت أو تأخرت أو قارنت.
لنا: أن السابقة انعقدت صحيحة فلا يفسد بعقد الثانية احتج الشافعي بأنه كان يلزم أنه متى شاء العدد المعتبر في الجمعة إفساد جمعة أهل البلد أمكنهم بأن يجتمعوا ويعقدوا الجمعة وهذا لا يتأتى على قولنا أن الجمعة مشروطة بالامام أو لمن يأذن له على أحد القولين وبالعدل على القول الآخر وهذا الفرض لا يقع من أحدهم وإنما يرد على من يجوز إمامة الفاسق. فروع: [الأول] لا اعتبار بكون إحديهما في المسجد الجامع والأخرى في غيره ولا يكون إحديهما في قصبة البلد والأخرى في أقصاه خلافا لمالك. [الثاني] لو لم يعلم هل سبقت إحديهما الأخرى بطلتا وكذا لو علم سبق إحديهما وجهل عينها أو علم عينها وأشكل بعد ذلك خلافا للمزني في الفرضين الأخيرين قال لان كل واحدة منهما عقدت على الصحة فلا يفسدها الشك وهذا ليس بجيد لان كل واحدة إنما يصح إذا علم أنها السابقة. [الثالث] إذا وقعتا في حالة واحدة بطلتا فإن أمكنته الجمعة وجبت وإلا وجبت الظهر أما لو سبق أحدهما قطعا وجهل عينها أو علم ثم أشكل وبقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل يجب أم لا؟ قال الشيخ: يجب الظهر وهو أحد قولي الشافعي لأنا حكمنا بفسادهما معا ووجوب الإعادة عليهما فكان المضي ما صليت فيه جمعة صحيحة والوجه عندي أنهم يصلون ظهرا وهو القول الآخر للشافعي لان إحديهما قد سبقت وصحت وإنما أوجبنا الإعادة فيهما حيث جهلنا التعيين فلا ينعقد جمعة أخرى وجهل التعيين لا يقتضي الفساد في نفس الامر وإلا لكانت المرأة المزوجة برجلين من وليين أحدهما سابق العقد وجهل خالية عن الزوجين وهو باطل بل يثبت حكم النكاح في حقها فلا ينكح آخر دونهما وبهذا ظهر الفرق بين علم السبق وجهل التعيين وبين علم المقارنة.
[الرابع] لو جهلنا كيفية وقوعها فالوجه إقامتها جمعة لعدم التعين بنفي المانع من الصحة وقيل إنما يجب ظهرا لان سبق إحديهما ولو بالتكبير أظهر من المقارنة في الأغلب ولا يحمل الأفعال على النادر لأنه بمنزلة المعدوم وليس بشئ. [الخامس] قال الشيخ يعتبر السبق بتكبيرة الاحرام وهو حسن وبه قال الشافعي في أحد قوليه وفي القول الآخر يعتبر ذلك بالفراغ من إحديهما قبل الأخرى. لنا: أنه متى أحرم بإحديهما حرم الاحرام بالأخرى وإذا انعقدت فما يطرء عليها يكون باطلا فلا يبطلها قالوا قبل تمامها لا يعلم صحتها وتمامها قلنا صحتها معلومة بالسبق. [السادس] لو أحرم فأخبر في الأثناء بإقامة الجمعة في موضع آخر بطلت جمعته إذا لم يكن بينهما فرسخ ولزمهم استيناف الظهر لان ما فعله قد ظهر بطلانه وقال بعض الجمهور له إتمامها ظهرا وليس بجيد. * مسألة: لا نعرف خلافا بين أهل العلم أن الجمعة إذا فاتت يقضى ظهرا أربع ركعات.
[الفصل الثاني] في صلاة العيدين وفيه مقدمة وبحثان، أصل: إذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله فعلا على جهة الوجوب وجب علينا اتباعه فيه إلا أن يعلم تخصيصه به لقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) وذلك يدل على الوعيد والاجماع على الرجوع إليه في أفعاله كرجوعهم في قبلة الصائم ولقوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا) ولقوله: (فاتبعوه). مقدمة: قال علماؤنا صلاة العيدين واجبة على الأعيان وبه قال أبو حنيفة إلا أنه قال هي واجبة وليست فرضا لأنه فرق بين الفرض والواجب ونحن لما لم نفرق بينهما أطلقنا اللفظين عليهما وقال أحمد هي واجبة على الكفاية وقال مالك وأكثر أصحاب