إذا اشتدت وبالثمار إذا بدا صلاحها وهو قول أكثر الجمهور وقال بعض أصحابنا إنما يتعلق الوجوب بها إذا صار الزرع حنطة أو شعير أو الثمار تمرا أو زبيبا وكان والدي رحمه الله يذهب إلى هذا والوجه عندي الأول لأنه قد ورد وجوب الزكاة في العنب إذا بلغ خمسة أوسق زبيبا ولان النص يتناول الحنطة والشعير والتمر والزبيب ولا ريب في تسمية الحب إذا اشتد بالحنطة والشعير وفي تسميته البسر بالتمر فإن أهل اللغة نصوا على أن البسر نوع من التمر وكذا نصوا على أن الرطب نوع من التمر والفائدة تظهر فيما لو تصرف قبل صيرورته تمرا أو زبيبا لم يضمن على القول الثاني ويكون ضامنا على قولنا لتحقق الوجوب وقد اتفق العلماء على أنه لا يجب الاخراج بالحبوب إلا بعد التصفية وفي التمر إلا بعد التشميس الجفاف. فروع: [الأول] لو تلف قبل الجفاف بتفريط ضمن وإن كان بغير تفريط لم يضمن أما الأول: فعلى قولنا خاصة وأما الثاني: فإجماع ولو تلف بعد الجفاف بتفريط ضمن إجماعا وإن كان بغير تفريط فإن تمكن من الأداء ضمن أيضا وإلا فلا لما تقدم من إمكان الأداء شرط في الضمان. [الثاني] إنما يعتبر النصاب في التمر و الزبيب بعد الجفاف فلو بلغ العنب والرطب نصابا لم يعتد به وإن تعلقت الزكاة بجنسه بل إن بلغ مع القسمين والجفاف نصابا وجب فيه الزكاة وإلا فلا. [الثالث] لو قطع التمرة قبل أن يبدو صلاحها لحاجة فلا زكاة عليه إجماعا وذلك كما لو أصابها عطش أو احتاج إلى سقيها طلعا أو خلالا ولا يكره له ذلك لأجل الحاجة أما لو فعل فرارا من الزكاة فإن الزكاة لا تجب عليه أيضا ويكون قد فعل مكروها وقال مالك وأحمد يجب عليه الزكاة وليس بالمعتمد. [الرابع] لو قطع طلع الفحال لم يجب عليه شئ إجماعا لأنه لا يحيى منه شئ تجب الزكاة فكان بمنزلة الثمار التي لا زكاة فيها. [الخامس] لو نبت بعض الثمرة بعد بدو الصلاح قبل الجداذ بغير تفريط فإن كان الباقي نصابا وجبت الزكاة فيه إجماعا ولا يضمن حصة التالف قولا واحدا وإن لم يكن الباقي نصابا وجبت الزكاة فيه أو كان قبل التلف نصابا على ما اخترناه يجب فيه بقدره لان المسقط اختص بالبعض فاختص السقوط به كما لو تلف بعض الماشية لعدم تعلق الوجوب بها وعلى قول بعض أصحابنا لا شئ عليه لان التلف وقع قبل تعلق الوجوب والباقي ليس بنصاب. [السادس] الذمي وإن وجبت الزكاة عليه عندنا إلا أنها لا تؤخذ منه إذا ثبت هذا فإذا باعه المسلم زرعا قبل بدو صلاحه فزكه الذمي حتى اشتد لم يؤخذ منه الزكاة ولا من البائع لأنه حين وجوب الزكاة كان ملكا للكافر ولو رده الذمي لعيب فيه بعد اشتداده لم تجب الزكاة عليه أما ظهر فساد البيع من أصله فإن ظهر استحقاق الثمن المعين هل تجب الزكاة فيه تردد أقربه عدم الوجوب على البائع لعدم تمكنه من التصرف ظاهرا. [السابع] لو مات المدين قبل إطلاع النخل تعلق الدين بالنخل فإن قلنا أن الدين لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة فإذا اطلع وبدأ صلاحه وجبت الزكاة فيه لحدوثها في ملكهم وإن قلنا بالمنع من الانتقال فلا زكاة هنا أما لو مات بعد الاطلاع فإن الدين يتعلق بالأصول والثمرة وينتقل الأصول والثمرة إلى الوارث إن قلنا أن الدين لا يمنع الانتقال فإذا بدأ صلاحها وجبت الزكاة هكذا قاله الشيخ وليس بالوجه لان إمكان التصرف شرط في الوجوب. [الثامن] لو كان له رطب لا تحقق مثليه كالهليليات والرين فإن هذا لا يخفف في العادة وجبت الزكاة فيه لقوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر ويعتبر بلوغه خمسة أوسق ثمرته هل يعتبر بنفسه لو تغير جنسه قال بعض الجمهور ويعتبر بأقرب الأرطال إليه مما يخفف الوجه عندي اعتبار نفسه. * مسألة: ولو كان له نخل تفاوت إدراكه بالسرعة والبطؤ بأن يكون في بلدين مزاج أحدهما اسحق من الآخر فيدرك التمرة في الاستحقاق قبل إدراكها في الآخر فإنه يضمن الثمر بأن إذا كان لعام واحد وإن كان بينهما شهرا أو شهران أو أكثر لان اشتراك إدراك الثمار في الوقت الواحد متعذر وذلك يقتضي اسقاط الزكاة غالبا ولا نعرف في هذا خلافا. فروع: [الأول] لا فرق بين الزرع والنخل والكرم في ذلك فلو أدرك بعض الزرع في بعض الأمكنة دون بعض صححنا مال المالك الواحد فإن بلغ النصاب وجب الزكاة وإلا فلا. [الثاني] لو كان له نخل في بعضها رطب وفي بعضها بسر وفي بعضها (بلح) فخذ الرطب فإن كان نصابا اخذت الزكاة منه وإذا أدرك الباقي أخذت الزكاة منه مطلقا قل أو كثر وإن لم يبلغ نصابا ضممناه إلى الباقي فإذا بلغ البسر والبلح وجبت الزكاة إن بلغ الجميع نصابا وإلا فلا. [الثالث] لو كان له نخيل يطلع بعضها قبل ضممنا الجميع فإنه كما لم يشترط التوافق في زمن الادراك فكذا لا يشترط التوافق في زمن الاطلاع. [الرابع] لو كان له نخل بتهامة ونخل بنجد فأثمرت التهامية وجبت ثم بلغت النجدية فإنها تضم إلى التهامية بلا خلاف وإن اطلعت التهامية مرة ثانية في ذلك العام قبل أن يجد النجدية ضمت إحديهما إلى الأخرى خلافا للشيخ والشافعي. لنا: أنهما ثمرة عام واحد فأشبه ما لو اتفقا في الاطلاع احتج بأنا لو ضممناها إلى النجدية لوجد ضمها إلى التهامية فيكون قد ضمها ثمرة نخلة إلى ثمرتها مرة أخرى ويجب بذلك ضم ثمرة عام إلى ثمرة عام آخر والجواب المنع من الملازمة. [الخامس] لو كان له نخيل تطلع في السنة مرتين قال الشيخ لا تضم إحديهما إلى الأخرى لأنها في حكم ثمرة سنتين وليس بالوجه والأقرب الضم لأنهما ثمرة عام واحد. * مسألة: وإن كان النخل جيدا كالبردي وهو أجود نخل بالحجاز أخذ من ثمرها وكان تساويا جاز وإن كان أردى لم يجز لقوله تعالى:
(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن كان كله رديا كالجعرور ومصران العادة أخذ منه وأجزأ لان ا لحق يجب فيه فلا يكلف غيره ولو كان له جيد وردئ أخرج ما يسمى تمرا وإن تطوع الأجود فهو أفضل ولو أخرج من كل نوع بقسطه فهو حسن روى الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التمر والزبيب ما أقل ما يجب فيه الزكاة فقال خمسة أوساق ويترك (المعافارة ) وأم جعرور ولا يزكيان وإن كثرا والوجه في هذه