يجب الزكاة في ماله وقال الشيخ أنه لا يملك شيئا وهو الحق لقوله تعالى: (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) وقال تعالى: (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت إيمانكم من شركاء فيما رزقناكم) ولأنه مال فلا يملك شيئا وحينئذ لا يجب الزكاة عليه ويجب على السيد لأنه مالك متصرف في المال كيف شاء ولو ملكه مولاه شيئا لم يملكه لأنه مال فلا يملك بالتمليك كالسهم قاله أصحابنا فلا يجب الزكاة على العبد ويجب على السيد وللشافعي قولان ففي القديم: أنه يملك وبه قال ابن عمر وجابر وأبي هريرة وقتادة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين وفي الجديد: أنه لا يملك وبه قال سفيان الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وأحمد في الرواية الأخرى فعلى القول الأول لا زكاة على العبد لان العبد وإن كان مملك لأنه أدى يملك لنكاح فيملك المال كالحر لأنه بالآدمية يتمهد للملك لان الله تعالى خلق المال لبني آدم ليستعينونه على القيام بوظائف العبادات فبالآدمية يتمهد للملك كما يتمهد للتكليف والعبادة لأنه ملك ناقص وشرط الزكاة تمام الملك ولا على السيد لان المال لغيره وهو العبد ولا يجب على الانسان زكاة غيره وعلى القول الثاني لا يجب الزكاة على العبد ويجعل على السيد لأنه المالك وقد جعل المال في يد غيره فجرى مجرى الوكيل. فروع:
[الأول] لو كان نصفه حرا ونصفه عبدا وملك من كسبه بقدر حريته فإنه بلغ نصابا وجبت عليه الزكاة خلافا للشافعي. لنا: أنه يملك بجزئه الحر ورث عنه ويتصرف فيه كيف شاء فالملكية كاملة فيه فوجبت عليه الزكاة كالحر الكامل احتج بأن الرق الذي فيه يمنع من تمام ملكه والجواب: المنع من عدم التمامية. [الثاني] المدبر وأم الولد كالقن سواء يقدم خروجهما لوضعيهما عن الرقية. [الثالث] ولا زكاة على المكاتب المشروط ولا المطلق إذا لم يتحرر منه شئ وهو قول أبي حنيفة فإنه أوجب الزكاة في غلته وأبو ثور أوجب الزكاة في ماله. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا زكاة في مال المكاتب ولان الزكاة يجب بطريق المواساة فلا يجب في مال المكاتب لنفقة الأقارب ولأنه ممنوع من التصرف في ماله فملكيته غير تامة لا يقال ينتقض بالمحجور عليه والمال المرهون لأنا نقول الفرق بينهما أن الملك هناك تامة والنقص إنما حصل في الصرف أما في مال المحجور فلبعض تصرفه وأما في المرهون فالمنع بعقد فلا يسقط حق الله بخلاف صورة النزاع فإن المكاتب منع من التصرف لبعض ملك وأما سقوط الزكاة عن المولى فلانه ممنوع من التصرف فيما في يد المكاتب فالملكية ناقصة فيه. [الرابع] إذا عجز المشروط عليه ورد في الرق زال المنع عن السيد ويصرف فيه كيف شاء واستقر الملك في يده واستقبل الحول وضمه إلى ماله كالمال الواحد.
[الخامس] إذا أدى المكاتب نجوم كتابه تحرر واستقر الملك له واستقبل الحول فيجب الزكاة عليه إذا بلغ ما في يده نصابا ولا يزكيه عما مضى بخلاف الضال لان الملك هناك تام لم يزل بالاختفاء وإنما تعذر للتصرف فيه فاستحب الزكاة فيه بخلاف المكاتب لنقصان ملكه. * مسألة: وليس الاسلام شرطا في الوجوب بل تجب الزكاة على الكافر إذا اجتمعت الشرائط فيه عملا بعموم الأوامر وقد تقدم في الأصول ما يدل على كون الكفار مخاطبين بالعبادات نعم لا يصح منه أداؤها لأنها مشروطة بنية القربة وهي لا تصح منه فإذا أسلم فلا قضاء عليه بل سقطت عنه لقوله عليه السلام الاسلام يجب ما قبله ويستأنف الحول عند الاسلام.
[المقصد الثاني] ما يجب فيه وما يستحب وفيه مباحث {الأول} تجب الزكاة في تسعة أصناف هي أنعام وأثمان وأثمار فأنعام ثلاثة الإبل والبقر والغنم والأثمان الذهب والفضة والأثمار الحنطة والشعير والتمر و الزبيب وقد اتفق علماء الاسلام على وجوب الزكاة في هذه الأصناف ولا تجب في غيرها ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال ابن عمر وموسى بن طلحة والحسن البصري وابن سيرين والشعبي والحسن بن الصالح بن حي وابن أبي ليلى وابن المبارك وأبو عبيدة وأحمد في إحدى الروايتين وللجمهور هنا مخالفة في مواضع.
الأول: قال الشافعي لا تجب الزكاة في شئ من الثمار إلا التمر والزبيب واللوز والفستق والبندق. لنا: ما رواه الجمهور عن عبد الله بن عمر قال إنما سن رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة في هذه الأربعة الحنطة والشعير والزبيب والتمر وعن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الحنطة و الشعير والتمر والزبيب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير ويزيد بن معاوية العجلي والفضل بن يسار عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال أفرض الله الزكاة مع الصلاة في الأموال وسنها رسول الله صلى الله عليه وآله في تسعة أشياء وعفا عما سواهن في الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والتمر والزبيب وعفا عما سوى ذلك وعن زرارة قال سألت أبي جعفر عليه السلام عن صدقات الأموال قال: في تسعة أشياء ليس في غيرها شئ في الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم السائمة وهي الراعية وليس في شئ من الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شئ وكل شئ كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شئ حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج ولان الأصل عدم الوجوب فيصار إليها إلى أن يظهر المنافي ولان غير هذه من الثمار غير منصوص عليه ولا مجمع عليه ولا هو في معناهما في علة الأصناف وكثرة النفع بها فلا يصح قياسه عليهما واحتجاجهم بقوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر بعد تسليم عمومه أنه مخصوص بما تلوناه من الأحاديث. [الثاني] لا تجب الزكاة في الزيتون وعليه علماؤنا أجمع وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن صالح والشافعي في الجديد وقال في القديم فيه الزكاة وبه قال الزهري والأوزاعي والليث ومالك