هنا إذ كل واحد منهم مع سمت صاحبه لا يمكنه أن ينظر إلى عورته حالتي بالركوع والسجود. [الثاني] لو كان العراة نساء استحب لهم الجماعة وفعلوا كما يفعل الرجال عملا بالعموم وهو اختيار علمائنا أجمع ومذهب الشافعي وأحمد خلافا لمالك وأصحاب الرأي. [الثالث] لو تكثرت الجماعة بحيث لا يسعهم الصف الواحد فالوجه أنهم يصلون صفوفا ولكن يركعون ويسجدون بالايماء خوفا من الاطلاع. [الرابع] إذا اجتمع الرجال والنساء فإن قلنا بتحريم المحاذاة لم يجمعوا جميعا بل تصلي الرجال أولا ثم النساء ولو قيل بجواز ذلك ويكون النساء خلف الرجال كما قلنا في الجماعة الكثيرة كان وجها وإن قلنا بالكراهية جاز أن يقف صفا واحدا. [الخامس] لو كان معهم من له ثوب صلى فيه قائما بركوع وسجود واجبا لأنه قادر على السترة فإن أعاره وصلى عريانا لم يصح صلاته وإذا صلى فيه استحب له أن يعيره لأنه مساعدة على الطاعة فيدخل تحت قوله: (وتعاونوا على البر والتقوى) ولا يجب إعارته لأنه يعود بالضرورة عليه من غير حاجة شديدة بخلاف الانعام الفاضل عن شبعه فإنه يجب بذله لمن يخاف تلفه ويجب على المبذول له القبول لامكان الشرط فيصلي فيه واحدا بعد واحد ولا يجوز لهم الصلاة عراة ولا الصلاة جماعة مع سعة الوقت ويجوز مع الضيق يؤم صاحب الثوب ومن يعيره إياه بالعراة ولا يأتم هو بهم. [السادس] قال الشيخ لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه وخافوا فوات الوقت صلوا عراة ولا يجوز لهم الانتظار وقال الشافعي يتوقفون وإن خرج الوقت. لنا: انه مخاطب بالصلاة في هذا الوقت فلا يجوز له إخلاؤه عنها والشرط يسقط اعتباره بأخذ التمكن من تحصيله في الوقت احتج المخالف بأنه قادر على تحصيل الشرط فلا يصح الصلاة بدونه كواجد الماء لا يتيمم وإن خاف فوت الثوب والجواب: الفرق فإذا تيمم مع وجود الماء ليس بطهارة. [السابع] لو كان صاحب الثوب أميا مع عراة قرأ وامتنع من الإعارة لم يؤمهم لأنه أمي ولم يأتم بهم لأنه قائم وهم قعود. [الثامن] لو ضاق الوقت وأراد إعارته استحب له أن يعير القارئ ليأتم به الأمي العاري ويجوز له أن يعير غيره ويكون حكمه ما تقدم. [التاسع] لو استوى استحب له أن يعيره بالقرعة فمن خرجت له فهو أولى بالتخصيص وكذا لو لم يكن الثوب لواحد منهم.
[العاشر] لو كان معهم نساء عراة فلصاحب الثوب أن يخصص من شاء ويستحب له أن يخصص النساء بذلك لان عورتهن أفحش وأكد في الستر وإذا صلين أخذه الرجال.
[الفصل الخامس] في المكان وفيه مباحث {الأول}، فيما يحرم الصلاة فيه * مسألة:
أجمع كل من يحفظ عنه العلم على تحريم الصلاة في المكان المغصوب مع العلم بالغصبية وقال أحمد يجوز صلاة الجمعة خاصة في الموضع المغصوب.
لنا: انه تصرف في ملك الغير وهو قبيح عقلا احتج أحمد بأن الجمعة يؤدي في موضع معين فإذا صلاه الامام في الموضع المغصوب فإن امتنع الناس من الصلاة فيه فاتتهم الجمعة والجواب: ان الامام عندنا يستحيل منه وقوع الجمعة في المكان المغصوب لأنه عدل لا يفعل القبيح. * مسألة:
وذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه وهو مذهب أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم وأحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد وقال الشافعي في موضع آخر أنها يصح فيه وإن كانت محرمة وهو مذهب أبي حنيفة ومالك. لنا: أنها صلاة منهي عنها والنهي يدل على الفساد في العبادات احتج المخالف بأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلى وهو يرى غريقا يمكن إبقاؤه فلم ينقذه أو حريقا يقدر على إطفائه فلم يطفه أو مطل غريمه الذي يقدر على إيفائه وصلى ولان النهي لا يدل على الفساد كالنهي عن الوضوء في المكان المغصوب وعن إزالة النجاسة بالماء المغصوب والجواب عن الأول: أن الصلاة مركبة من الأشياء من جملتها القيام والقعود وهو منهي عنها فكان النهي متناولا للصلاة بخلاف الحريق لأنه ليس بمنهي عن الصلاة بل هو مأمور بإطفائه وإنقاذ الغريق وإيفاء الدين وبالصلاة إلا أن أحدهما أكد من الآخر وفي صورة النزاع أفعال الصلاة منهي عنها فالفرق بين، وعن الثاني: بالفرق بين الوضوء في المكان المغصوب والصلاة فيه فإن الكون ليس جزء من الوضوء ولا شرطا وهو جزء من الصلاة وإزالة عين النجاسة ليس عبادة في نفسه ما لم تقرن بالنية وإذا صح وقوعها غير عبادة أمكن مع العصيان بها كما يزيل الكافر والصبي بخلاف الصلاة التي لا يقع إلا عبادة فلا يصح مع النهي عنها. فروع: [الأول] لو كان جاهلا بالغصبية صحت صلاته إجماعا أما لو كان عالما بالغصبية وجاهلا بالتحريم فإنه لا يكون معذورا ولا يصح صلاته عندنا لما مر. [الثاني] لو كان مضطرا إلى الصلاة في المكان المغصوب بأن يكون محبوسا أو شبهه من المضطرين صلى في المكان المغصوب لان التحريم يزول مع الكراهية وهل يجب عليه التأخير إلى آخر الوقت فيه خلاف بين علمائنا. [الثالث] قال الشيخ في المبسوط لا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن أذن له في الصلاة فيه وهو حق إذ تصرف الغاصب لا يصح فيه مباشرة فلا يصح إذنه وقد حمل بعض المتأخرين الاذن ههنا على أنه من المالك فاستضعف لذلك قول الشيخ وليس جيدا. [الرابع] لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يأخذها أو يدعي ملكيتها أو بين أن يغصب منافعها بأن يدعي إجارتها وهو ظالم أو يضع يده عليها إلى لكن مدة (بان يملكها) وكذا لو أخرج روشنا أو ساباطا فيه موضع لا يحل له أو يغصب سفينة ويصلي فيها أو راحلة أو يخرج أو حبا مغصوبا من سفينة ويصلي عليه أو يصلي على بساط مغصوبة وإن كانت الأرض مملوكة الحكم في ذلك كله واحد. * مسألة: ولو أذن المالك صحت صلاته سواء كان المأذون له الغاصب وغيره بغير خلاف بين أهل العلم لان التحريم منوط بعدم الاذن وقد فقد. فروع: [الأول] لا اعتبار بإذن