الذمي إذا اشترى أرضا من مسلم وجب عليه الخمس ذهب إليه علمائنا وقال مالك يمنع الذمي من الشراء إذا كانت عشرته وبه قال أهل المدينة وأحمد في روايته فإن اشترى ما ضوعف العشرة وجب عليه الخمس وقال أبو حنيفة تصير أرض خراج وقال الثوري والشافعي وأحمد في رواية أخرى يصح البيع ولا شئ عليه ولا عشر أيضا وقال محمد بن الحسن عليه العشر. لنا: أن في اسقاط العشر إضرارا بالفقراء فإذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم فأخرج الخمس ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس. فرع: هل هذا الحكم مختص بأرض الزراعة وهو عام فيها وفي المساكن إطلاق الأصحاب يقتضي الثاني والأظهر أن مرادهم بالاطلاق الأول لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة لا قيما عداها لان نقول أيضا بموجب هذا الحديث أو أن لا جميع الفوائد غنيمة قد جعل تحت هذا الحديث.
{البحث الثاني} في النصاب، * مسألة: النصاب في الكنز عشرون مثقالا فلا يجب فيما دونه خمس ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي في الجديد وقال في القديم لا يعتبر فيه النصاب بل يجب في قليله وكثيره وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد لان قوله عليه السلام ليس فيما دون خمس أواق صرفه وقوله عليه السلام ليس في تسعين ومائة شئ وإذا لم يجب فيما دون النصاب في الذهب والفضة لا يجب في غيرهما لعدم الفاضل ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس ولأنه معدن في الحقيقة فيعتبر فيه النصاب كالمعدن عندهم ولأنهم لا بشرط حق مالي يجب فيما استخرج من الأرض فاعتبر فيه النصاب كالمعدن والزرع سواء احتج المخالف بعموم قوله عليه السلام وفي الركاز الخمس ولأنه مال فخمس فلا يعتبر فيه النصاب كالغنيمة ولأنه مال كافر مظهور عليه في الاسلام فأشبه الغنيمة والجواب عن الأول: ليس انه من صيغ العموم وليس كان الركاز مرادا إلا أن يخصصه لما تقدم من الأحاديث وإلا فيه، وعن الثاني بأنه مال فحسن فاعتبر فيه النصاب كالمعدن ثم يقول المناسبة بينه وبين أهلنا أشد من المناسبة بينه وبين أهلهم فيكون قياسنا أولى، وعن الثالث بذلك أيضا. فروع: [الأول] ليس للركاز نصاب آخر بل لا يجب الخمس فيه إلا أن يكون عشرين مثقالا فإذا بلغها وجب الخمس فيه وفيما زاد قليلا كان الزائد أو كثيرا. [الثاني] هذا المقدار المعين وهو العشرون مثقالا معتبر في الذهب والفضة فيها مائتا درهم وما عداهما يعتبر فيه بأحدهما. [الثالث] لو وجد ركازا دون النصاب لم يجب عليه شئ سواء كان معه مال زكاتي أو لا وسواء استفاد الكنز مع آخر حول المال الزكاتي نصابا أو تم بالركاز خلافا للشافعي فإنه ضمه إليه إذ جعل الواجب زكاة وإن أوجب الخمس. [الرابع] لو وجد ركازا آخر دون النصاب واجتمعا نصابا ففي وجوب الخمس إشكال أقربه عدم الوجوب لان الركاز لا يوجب شيئا فكان بمنزلة ما لو التقطه لقطا كثيره كل واحدة أقل من درهم. * مسألة: وفي اعتبار النصاب وفي المعادن للأصحاب قولان قال الشيخ في النهاية والمبسوط يعتبر وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وقال في الخلاف لا يعتبر وبه قال ابن إدريس وأبو حنيفة. لنا:
ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ليس عليكم في الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ قال فليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثل الزكاة عشرين دينارا ولأنه مال مستخرج من الأرض فأشبه الكنوز احتج ابن إدريس بإجماع الأصحاب على إيجاب الخمس في المعادن قليلة كانت وكثيرة واحتج أبو حنيفة بأنه مال يجب تخميسه فلا يعتبر فيه النصاب. والجواب عن الأول: أن دعوى الاجماع في صورة الخلاف ظاهر البطلان، وعن الثاني: بالفرق فإن الفئ و الغنيمة لا يستحقان على المسلم وإنما ملكه أصل الخمس من الكفار بمجرد الاغتنام، وعن الثالث: بأن الجامع سلبي مع انتقاضه بصدقات الزرع فإنه لا يعتبر فيهما الحول مع اعتبار النصاب لنا. * مسألة: وفي قدر النصاب المقدر للعلماء قولان، أحدهما: ما تقدم، والثاني: دينار واحد اختاره ابن بابويه وأبو الصلاح والمشهور الأول لرواية أحمد بن محمد بن أبي نصر وقد تقدمت احتجوا بما رواه الشيخ عن محمد بن أبي عبد الله عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فيه زكاة فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس والجواب: يحتمل أن يكون المراد ما يخرج من البحر واللؤلؤ يتناول المعادن خاصة قال الشيخ وأيضا فإن دلالة حديثنا على ما اعتبرناه من النصاب أقوى من دلالة حديثكم وأيضا فحديثنا يتناول المعادن خاصة قال الشيخ وهو لقوله عام وحديثكم يتناول معادن الذهب والفضة خاصة وإذا احتمل كان الاستدلال بحديثنا أولى على أن حديثنا معتضد بالأصل وهو براءة الذمة ونفي الضرر. * مسألة: و النصاب معتبر بعد المؤنة وقال الشافعي وأحمد: المؤنة على المخرج. لنا: أن الأصل المؤنة وصله إلى تحصيل وتحريف إلى مناوله فكانت عنهما كالشريكين احتجوا أن الواجب زكاة وهو ممنوع. * مسألة: ويعتبر النصاب فيما أخرج دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينهما ترك المال فلو أخرج دون النصاب وترك العمل مهملا له ثم أخرج دون النصاب وكملا نصابا لم يجب عليه شئ ولو بلغ أحدهما نصابا أخرج خمسه ولا شئ عليه في الاجزاء ما لو ترك العمل لا مهملا بل الاستراحة أو لاصلاح إليه أو طلب الكل وما أشبهه فالأقرب وجوب الخمس إذا بلغ القسم النصاب لم يجب عليه في الزائد مطلقا ما لم يتركه مهملا وكذا لو اشتغل بالعمل فخرج بين المعدتين تراب أو شبهه. * مسألة: النصاب معتبر في الذهب وما عداه معتبر فيه قيمته ولو اشتمل المعدن على جنسين كالذهب والفضة مثلا ضم أحدهما إلى الآخر وكذا ما عداهما وقال بعض الجمهور لا يضم أحدهما إلى الآخر وقال آخرون لا يضم في الذهب والفضة