{الثالث} جواز فعلهما إلى طلوع الفجر ويدل عليه ما رواه الجمهور عن حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أذن المؤذن و طلع الفجر يصلي ركعتين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول: صلي ركعتين الفجر قبل الفجر وبعده وعنده ومثله رواه في الصحيح عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) وعن الحسين بن أبي العلا قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يقوم وقد نور بالغداة قال: فليصل السجدتين اللتين قبل الغداة ثم ليصلي الغداة ولأنها نافلة مرتبة على الفريضة وتساويها في الوقت كالنوافل المقدمة.
الحكم الرابع آخر وقتها طلوع الحمرة لأنه وقت يتضيق فيه الفريضة للتأيد في صلاته فيمتنع النافلة ولما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عمن أخبره عنه (ع) قال: صلى الركعتين ما بينك وبين أن يكون الضوء حذاء وأمسك فإذا كان بعد ذلك فابدء بالفجر وعن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر يركعهما أو يؤخرهما قال: يؤخرهما.
[البحث الثالث] في الاحكام، * مسألة: قد بينا فيما مضى جواز التكليف بالواجب الموسع ووقوعه وإنما البحث ها هنا في شئ واحد وهو أو الوجوب هل ثبت بأول الوقت أم لا فالذي نختاره أنه يجب الصلاة مثلا بأول الوقت وجوبا موسعا وهو اختيار الشيخ وابن أبي عقيل وجماعة من أصحابنا وذهب إليه الشافعي وأحمد وقال المفيد (ره) ان آخرها ثم أحرم في الوقت قبل أن يؤديها كان مضيعا لها وإن بقي حين يؤدها في آخر الوقت أو فيما بين الأول والآخر عفي عن ذنبه وفيه تعريض بالتضييق وقال أيضا في بعض المواضع ان آخرها لغير عذر كان عاصيا ويسقط عقابه لو فعلها في بقية الوقت وقال أبو حنيفة يجب بآخر الوقت إذا بقي منه ما لا يتسع لأكثر منها. لنا:
قوله تعالى: (وأقم الصلاة لدلوك الشمس) والامر يقتضي الوجوب وما تقدم من الأحاديث الدالة على الوجوب مقدار المواقيت ولان دخول الوقت سبب للوجوب فيرتب عليه مسببه حين الوجود ولأنه يشترط فيها بنية الوجوب ولو لم يكن واجبة وإلا لما صحت نيته كما في النافلة احتج أبو حنيفة بأنه يتخير في فعلها وتركها أول الوقت فلا يكون واجبة كالنافلة والجواب: أن التأخير ينافي الوجوب المعين أما المخير فلا ونحن فقد بينا فيما سلف رجوع هذا الواجب إلى الواجب المخير والفرق بينه وبين النافلة يجوز تركها من غير عدم على الانسان بها بخلاف هذا لا يقال هذا لا ينافي ما ذكرتم أولا من عدم وجوب العزم لأنا نقول العزم إنما يجب لا بالأمر من حيث أنه من أحكام الواجبة بأمر متأثر. * مسألة: ويستقر الوجوب أن يمضي من الوقت قدر الطهارة وفعل الصلاة فلو تجدد عذر مسقط كجنون أو حيض أو إغماء قبل مضي هذه المدة وإن كان الوقت قد دخل حتى استوجب الوقت لم يجب القضاء ذهب إليه الشيخ (ره) وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو عبد الله بن بط وقال أحمد يستقر الوجوب بإدراك جزء من الوقت ويلوح من كلام السيد المرتضى استقرار الوجوب بإدراك الصلاة في الوقت أو أكثرها. لنا: إن وجوب الأداء ساقط لاستحالة تكليف ما لا يطاق والقضاء تابع لوجوب الأداء فيسقط لسقوط متبوعه ولأنه وقت لا يمكنه أن يصلي فيه فلا يمكنه القضاء كما لو طرء العذر قبل دخول الوقت احتج المخالف بأنها صلاة وجبت عليه فوجب قضاؤها لما فاته كما لو أمكنه الأداء والجواب: المنع من الوجوب لتوقفه على الوقت المتسع.
فروع: [الأول] الواجب الموسع قد يتضيق وذلك إذا غلب على ظن المكلف الهلاك قبل آخر الوقت فتعين فعله حينئذ ويقضي بتأخيره إجماعا فلو أخره ثم ظهر له فساد ظنه ولا يخرج الوقت فهو أداء لأنه ظن ظهر بطلانه فلا حكم في قوله صفة العبادة وقال بعض الجمهور أنه يكون قضاء وهو بعيد ولو لم يغلب على ظنه ذلك جاز له تركه إلى آخر الوقت فلو مات حينئذ لم يقض على أحسن الوجهين وإلا لنافى جواز التأخير فظهر أن هذا الواجب منوط بالظن وهذا حكم الواجب الموسع الذي وقته العمر كقضاء الواجبات فإنه متى غلب على ظنه التلف تعين عليه تنقله (يغسله) ويضيق وقته.
[الثاني] لو أدرك من أول الوقت مقدار أداء الصلاة وجب القضاء مع عدم الفعل فلو أدرك من الزوال مقدار ثماني ركعات لصلاتين لاشتراك الوقتين وكذا البحث في المغرب والعشاء فلو أدرك من آخر الوقت مقدار ركعة وجبت أداء فلو أخل حينئذ وجب القضاء أما إدراك الصلاة بإدراك ركعة فلا خلاف فيه بين أهل العلم بما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وفي رواية من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين (ع): من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة وعن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله (ع) فإن صلى ركعة من الغدوة ثم طلعت الشمس فليتم وقد جازت صلاته وإن طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلي حتى يطلع الشمس ويذهب شعاعها وأما كونها أداء فقد اختلف علماؤنا فيه فقال بعضهم أنه يكون مؤديا بجميعها بفعل ركعة في الوقت واختاره الشيخ وقال آخرون يكون قاضيا وقال الثاني يكون قاضيا للمفعول في خارج الوقت والأول أشبه عندي الصواب لقوله (ع) من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وفي لفظ آخر من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت ومع القضاء لا يكون إدراكا ولان الجمعة يدرك بركعة فهكذا ها هنا. [الثالث] لو أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركا ذهب إليه علماؤنا وهو أحد قولي الشافعي ومذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد وقال أبو حنيفة لو أدرك تكبيرة الاحرام كان مدركا وهو قول الآخر للشافعي. لنا: انه (ع) خصص بالركعة في قوله