كلة؟ إلى طلبه مثلها، وقال الصادق (عليه السلام): الحنا على أثر النورة أمان من الجذام والبرص، وروي من أطلى فتدلك بالحنا من قرنه إلى قدمه نفى الله عنه الفقر، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اختضبوا بالحنا فإنه يجلي البصر وينبت الشعر ويطيب الريح ويسكن الزوجة (الروعة). وقال أمير المؤمنين (ع):
الخضاب هدى محمد (صلى الله عليه وآله) وهو من السنة، وقال الصادق (عليه السلام): لا بأس بالخضاب كله وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر (ع) عن الخضاب فقال:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخضب وهذا شعره عندنا، وقال الصادق (عليه السلام): الخضاب بالسواد أنس للنساء ومهانة للعدو، وقال (عليه السلام) في قوله تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، قال: من الخضاب بالسواد، وروى ابن بابويه أن رجلا دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله) وقد صفر لحيته فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أحسن هذا ثم دخل عليه بعد ذلك وقد اقتنى بالحنا فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هذا أحسن من ذلك ثم دخل عليه بعد ذلك وقد خضيب بالسواد فضحك إليه فقال: هذا أحسن من ذلك وذاك وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيرها في سبيل الله وفيه أربع عشر خصلة يطرد الريح من الاذنين، ويجلي البصر، ويلين الخياشيم، ويطيب النكهة، ويسد اللثة، ويذهب بالنسيان، ويقل وسوسة الشيطان، ويفرح به الملائكة، ويسر منه المؤمن، ويغيظ به الكافر، وهو زينة وطيب، ويستحي منه منكر ونكير، وهو براءة له من قبره. فصل:
يكره نتف الشيب فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الشيب نور فلا تنتفه وكان علي (عليه السلام) لا يرى بجز الشيب بأسا ويكره نتفه وقال الصادق (ع) لا يأمن بجز الشمط ونتفه وجزه أحب إلي من نتفه، وقال (عليه السلام): من شاب شيبة في الاسلام كانت له نور يوم القيامة، وقال (عليه السلام): أول من شاب إبراهيم الخليل (ع) وإنه ثنى لحيته ورأى طاقة بيضاء فقال يا جبرئيل ما هذا؟ فقال: هذا وقار فقال إبراهيم: اللهم زدني وقارا ويستحب قص ما زاد على القبضة من اللحية، قال الصادق (عليه السلام): تقبض بيدك على اللحية وتجز ما فضل، وقال (عليه السلام): ما زاد من اللحية على القبضة فهو في النار وهذا بعد سلامة السند يدل على تأكيد الاستحباب لا الوجوب.
[البحث الرابع] في أفعال الوضوء وكيفيته. مسألة: في النية، وفيها بحثان غامضان، الأول:
في وجوبها قال علماؤنا النية شرط في الطهارة والمائية بنوعيها والترابية وهو قول علي (عليه السلام) وهو مذهب ربيعة والليث وإسحاق وأبي عبيد و ابن المنذر وأحمد بن حنبل وأبي ثور وداود والشافعي ومالك وقال أبو حنيفة والثوري: لا يشترط النية في طهارة الماء وإنما يشترط للتيمم وقال الحسن بن صالح بن حي: ليست النية شرطا في شئ من الطهارة المائية والترابية وعن الأوزاعي روايتان أحديهما كقول الحسن والأخرى كقول أبي حنيفة لنا: وجوه، {أحدهما} رواه الجمهوري عن علي (عليه السلام) أنه قال النية شرط في جميع الطهارات وقوله حجة ومن طريق الخاصة ما رواه عن الرضا (عليه السلام) قال لا قول إلا بعمل ولا عمل إلا بالنية ولا نية إلا بإصابة السنة. {الثاني} إن الوضوء عبادة وكل عبادة بنية أما الصغرى فلان أهل اللغة نصوا على أن التعبد هو التذلل قال الشاعر وأفردت إفراد البعير المعبدي أي المذلل وهذا المعنى المشتق منه موجود هنا فإن فعل الطهارة على وجه الطاعة نوع تذلل فيصدق عليه اللفظ ولان التيمم عبادة وهو بدل والبدل بحكم الأضداد أما الكبرى فيدل عليها قوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) والاخلاص هو مرادنا بالنية وقوله تعالى: (الله أعبد مخلصا) وقوله تعالى: (فاعبدوا الله مخلصين). {الثالث} الوضوء عمل ضرورة وكل عمل بنية لقوله (ع) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى اتفق عليه الجمهور فنفى أن يكون له عمل شرعي بدون النية. {الرابع} قوله تعالى: (وما لاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى). {الخامس} قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) والمفهوم منه في لغة العرب أغسلوا للصلاة كما يقول إذا لقيت الأمير فألبس أهبتك أي للقائه وإذا لقيت العدو فخذ سلاحك أي لأجل لقائه وهو كثير النظائر. {السادس} لو لم تجب النية في الوضوء لزم أحد الامرين إما النية أو خرق الاجماع والثاني بقسميه باطل قطعا فالمقدم مثله بيان الشرطية أن الوضوء تعبد وعدم النية إما أن يكون شرطا أو لا يكون وعلى التقدير الأول يلزم خرق الاجماع وعلى التقدير الثاني إما أن لا يكون المسمى شرطا أو يكون وعلى التقدير الأول يلزم خرق الاجماع و على التقدير الثاني يلزم الشارع؟ لان الكلي لا يمكن وجوده إلا مشخصا وقيد الخصوصية هما النية وعدمها فأحدهما شرط المسمى فإما أن يكون الشرط العدم فيلزم خرق الاجماع لان شرط الشرط شرط وأما الوجود فيلزم المطلوب وإما أن يكون المسمى ثانيا ونقل الكلام إليه وذلك يفضي إلى الشارع المحال. {السابع} إنها طهارة عن حدث فلا يصح بغير نية كالتيمم. {الثامن} أنه عبادة فافتقرت إلى النية كالصلاة وبيان الصغرى من وجهين. أحدهما: أن العبادة هي الفعل المأمور به شرعا من غير إطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي والطهارة كذلك فإنها مرارة شرعا ليست مما يطرد بها العرف ولا يقتضيها العقد لانتفاء المصلحة المتأخرة فيها. الثاني: أنها تنقسم إلى فرض ونفل وكل ما انقسم إليهما فهو عبادة بالاستقراء بيان الكبرى أن العبادة لو صحت بدون النية فلا تخلو إما أن يحصل عليها ثواب أم لا والقسمان باطلان أما الأول فلانه يلزم منه مخالفة الدليل وهو قوله (عليه السلام) ليس للمؤمن عليه إلا ما نواه رواه الجمهور والمراد بذلك نفي الثواب بدون النية والثاني باطل وإلا لزم القبح العقلي وهو حصول التكليف من غير عوض ولأنه مخالف للعمومات الواردة من جهة الكتاب والسنة الدالة على الثواب في كل عبادة احتج أبو حنيفة بوجوه، أحدها: قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) ذكر الشرائط ولم يذكر النية فلو كانت شرطا لوجب ذكرها. الثاني: أنه أمر بالغسل ومقتضي الامر الاجتزاء بفعل المأمور به. الثالث: أن الآية ليست منها ذكر النية فلو أوجبناها لكنا قد زدنا على النص والزيادة على النص نسخ. الرابع: أنها طهارة بالماء فلا يفتقر إلى النية كغسل النجاسة. الخامس: أنها غير عبادة فلا يفتقر