لعدم الدليل عليه ولان حدث الجنابة قد زال بالغسل والتقدير أنه لم يتجدد موجب آخر ومع زوال الحدث لا يعود إلا مع إعادة السبب. [الثالث عشر] لا اعتبار بغسل الكافر في حال كفره ويجب عليه تجديده بعد الاسلام وهو أحد قولي الشافعي وقال أبو حنيفة يرتفع حدثه وهو القول الآخر للشافعي. لنا: أنه عبادة مفتقرة إلى نيه وهي غير صحيحة في حقه لعدم معرفته بالله تعالى ولان الجنابة إحدى الحدثين فلا يرتفع حال الكفر كالحدث الأصغر. [الرابع عشر] لو استدخلت ذكر الرجل الغسل وإن كان نائما على إشكال ولو استدخلت ذكرا مقطوعا أو ذكر بهيم ففي الغسل إشكال وعند الشافعي وجهان و لو استدخلت ماء الرجل لم يجب عليها الغسل وهو أظهر قولي الشافعي وله وجه انه يجب لان المقتضي للغسل في البقاء (الالتقاء ظ) أفضاه إلى الانزال غالبا.
[الخامس عشر] لو لف على ذكره خرقة وأولج فالأقرب وجوب الغسل وهو الأظهر من مذهب الشافعي لان التحاذي موجود وفي وجه آخر إن كان الخرقة لينه وجب وإن كانت ضعيفة غليظة خشنة لم يجب لانتفاء الاستمتاع ولو استمتع بما دون الفرج كالسرة والفم وغيرهما لم يجب الغسل إلا بالانزال لان الاستمتاع بما دون الفرج لم يجعل له حكم الايلاج في شئ من الأحكام المتعلقة بالوطء مثل الحد والتحليل والتحصين وتقرير المهر وتحريم المصاهرة فلا يلحق به إيجاب الغسل.
[البحت الثاني] في كيفية الغسل، * مسألة: النية مشترطة في الغسل من الجنابة لما سبق في الوضوء ووقتها عند غسل اليدين لأنه بداية أفعال الطهارة ويتضيق عند غسل الرأس لأنه لو جاز التأخير عنه لزم حصول بعض الغسل من غير نية فلا يكون مجزيا ويشترط استدامتها حكما كما قلنا في الوضوء ويكفيه أن ينوي مع الوجوب والقربة رفع الحدث وإن لم يذكر السبب ولو اجتمعت الأسباب فالوجه انه كذلك أما لو اجتمع غسل الجنابة والجمعة لم يكف النية للغسل للتقرب به مطلقا لان غسل الجمعة ليس برافع للحدث كذا ذكره الشيخ في المبسوط ولو اجتمع غسل الحيض مثلا مع الجنابة هل يجب التعيين فيه إشكال والوجه أنه لا يجب وبعض الفروع المتقدمة في الوضوء آتية ها هنا: * مسألة: والواجب في الغسل ما يسمى غسلا قاله الشيخ ولو كالدهن ونحن نشترط فيه جريان أجزاء الماء المحل لتحقق المسمى ويجب إيصال الماء إلى جميع البشرة ولو كان بعض أجزاء البدن بحيث لا يصل الماء إليه إلا بالتخليل وجب لان الواجب الايصال فما يتوقف عليه يكون واجبا وروى الشيخ في الصحيح عن محمد عن أحدهما (عليهما السلام) قال سألته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفيك ثم تغسل فرجك ثم تصب على رأسك ثلاثا ثم تصب على سائر جسدك مرتين فما جرى الماء عليه فقد طهرت وهذا يدل على بقاء ما لم يجر الماء عليه على النجاسة عملا بالاستصحاب السالم غير معارضة جريان الماء وفي هذا الحديث دلالة على اشتراط الجريان في الغسل وذلك توضح ما ذكرناه أولا وروي أيضا في الحسن عن زرارة قال قال فما جرى عليه الماء فقد أجزأه وروى الشيخ في الحسن عن حجر بن زائدة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا (فهو) في النار فرع: يجب أن يتولى الغسل بنفسه لأنه مخاطب به إلا مع الضرورة ويكره الاستعانة وقد تقدم في الوضوء. * مسألة: ويجب الترتيب في غسل الجنابة مبتدئا برأسه ثم بجانبه الأيمن ثم الأيسر وهو مذهب علمائنا خاصة لنا: ما روته عائشة قالت كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخلل شعره فإذا ظن أنه أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده وما روته ميمونة قالت وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضوء الجنابة فأفرغ على يديه فغسلها مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكره ثم ضرب بيده على الأرض والحائط مرتين أو ثلاثا ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض الماء على رأسه ثم غسل جسده فأتيته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض الماء بيديه وهذان متفق عليهما وروى الجمهور عن أم سلمة قال قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفيرتي أفأنقضه لغسل الجنابة فقال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيض عليك الماء فتطهرين رواه مسلم إذا ثبت هذا فنقول لما وجب تقديم غسل الرأس بفعله (عليه السلام) عقيب الاجمال وبقوله ثم تفيض وهي للترتيب وجب تقديم الجانب الأيمن على الأيسر أما أولا: فلما روته عائشة قالت كان (عليه السلام) إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر وروت أنه (عليه السلام) كان تحت اليمين في طهوره وأما ثانيا: فلان الاجماع واقع على إبطال الترتيب الرأس دون غيره وبطلانه لا يجوز أن يكون بسقوط الترتيب لما بيناه من وجوب تقديم الرأس فوجب أن يكون بسقوط الترتيب بين الجانبين وأما ثالثا فلانه (عليه السلام) رتب لأفضليته ولما روته عائشة فيجب اتباعه فيه لان فعله في معرض البيان ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال قلت له كيف يغتسل الجنب فقال إن لم يكن أصاب كفيه شئ في الماء ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأ وحرف ثم يفيد الترتيب وروي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال سألته عن غسل الجنابة فقال ابتدء بكفيك ثم تغسل فرجك ثم تصب على رأسك ثلاثا ثم تصب على سائر جسدك مرتين فما جرى الماء فقد طهر وروي في الحسن عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من اغتسل من جنابة ولم يغسل رأسه لم تجد بدا من إعادة الغسل ولو لم يكن الترتيب واجبا لجاز غسل الرأس من غير إعادة لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن هشام قال كان أبو عبد الله (عليه السلام) فيما بين مكة والمدينة ومعه أم إسماعيل فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها فتركت رأسها فقال لها إذا أردت أن تركبي فاغسلي رأسك ففعلت ذلك فعلمت بذلك أم إسماعيل فحلقت رأسها فلما كان من قابل انتهى أبو عبد الله (عليه السلام) إلى ذلك المكان فقالت له أم إسماعيل أي موضع هذا فقال لها هذا الموضع الذي أحبط الله فيه حجك عام أول فأمره لها بغسل جسدها ثم بغسل رأسها بعد الركوب يدل على سقوط الترتيب انا نقول الراوي قد وهم هاهنا فإنه لا امتناع أن يكون الراوي سمع اغسلي رأسك فإذا