كتاب الزكاة بسم الله الرحمن الرحيم الكتاب الثالث، في الزكاة والخمس وفيه مقدمة ومقاصد أما المقدمة ففيها فصول:
{الفصل الأول}، في ماهيتها: الزكاة في اللغة يقال بمعنى الزيادة والنمو، والثاني التطهر يقال زكا المال إذا نما وقال الله تعالى: (أقتلت نفسا زكية) أي مطهرة وفي الشرع عبادة عن حق ثبت في المال لشرائط يأتي ذكرها وقولنا ثبت يناول الوجوب والندب وهو أولى من قول من قال حق يجب في المال لأنه يخرج منه الزكاة المندوبة إذا ثبت هذا فنقول الترجيح الشرعي (لمح) فيه المعنى اللغوي لزيادة الثواب وتطهير المال من حق المساكين وتطهير المؤدى من الاثم فإذا طلعت فيهم منها المغني الشرعي لا غير. {الفصل الثاني}، في وجوبها: وهي واجبة بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى:
(وآتوا الزكاة) وقال: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) والآيات في ذلك كثيرة وبعث النبي صلى الله عليه وآله معاذ إلى اليمن فقال أعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة ويؤخذ من أغنيائهم فترد في فقراءهم وروى الجمهور عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيمة شجاعا أقرع يفر منه وهو يتبعه حتى يطوقه في عنقه ثم قرأ علينا: (سيطوقون ما (بخلوا) به يوم القيمة) ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من تمام الصوم عطاء الزكاة كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من تمام الصلاة ومن صام ولم يؤدها فلا صوم له إذا تركها متعمدا ومن صلى ولم يصلى على النبي صلى الله عليه وآله وترك ذلك متعمدا فلا صلاة له ان الله عز وجل بدأ بها قبل الصلاة فقال: (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) وعن ابن مسكان عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال قم يا فلان حتى اخرج خمسة نفر فقال اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون وروى ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أن الله تعالى فرض الزكاة كما فرض الصلاة الحديث وقد أجمع المسلمون كافة على وجوبها. {الفصل الثالث}، في حكم نفي الزكاة: من منع الزكاة جاهلا عرف وجوبها دين له والزم بأدائها فإن امتنع فويل على ذلك وهذا حكم من نشأ في بادية لم يخالط أهل الاسلام أو كان قريب العهد بالاسلام أما من نشأ بين المسلمين وعرف أحكامهم إذا أنكر وجوبها جهلا به كان مرتدا عن الاسلام لانكاره ما علم من الدين بالضرورة ثبوته أما لو منعها عالما بوجوبها غير مستحل بل معتقدا لتحريم ما ارتكبه فإنه يؤخذ منه من غير زيادة عليها وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم وقال إسحاق بن راهويه يؤخذ منه وشطر ماله وبه قال النخعي في القديم. لنا: قوله عليه السلام: ليس في المال حق سوى الزكاة وقوله عليه السلام لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفس منه خرج منه مالها أجمع على اخراجه لخروجه عن كونه مالا له فيبقى الباقي حينئذ على المنع احتج إسحاق والشافعي بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال في كل أربعين من الإبل السائمة بنت لبون من أعطاها مؤتجرا بها فله أجرتها ومن منعها فأنا أخذوها وشطر ماله (عزمه) من غير ما من ربنا ليس لآل محمد فيها شئ والجواب اتفق العلماء على نسخه فقد روى أنه كان في ابتداء الاسلام والعقوبات في المال ثم نسخ ذلك. * مسألة: ومانع الزكاة مانع لفريضة معلومة من فرائض