يا محمد لأي علة توضأ هذه الجوارح الأربعة وهي ألطف المواضع في الجسد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لما ان وسوس الشيطان إلى آدم (عليه السلام) دنا من الشجرة فنظر إليها فذهب ماء وجهه، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول يده منها ما عليها وأكل فطار الحلي والحلل عن جسده فوضع آدم يده على أم رأسه وبكى فلما تاب الله عز وجل عليه فرض الله عليه وعلى ذريته تطهير هذه الجوارح الأربع فأمر الله تعالى لغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول منها، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه، وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان فيما كتب في جواب مسائله ان علة الوضوء التي من أجلها صار على العبد غسل الوجه والذراعين ومسح الرأس والقدمين فلقيامه بين يدي الله عز وجل واستقباله إياه بجوارحه الطاهرة وملاقاته بها الكرام الكاتبين فيغسل الوجه للسجود والخضوع ويغسل اليدين لثقلها ويرغب بهما ويرهب ويتبتل ويمسح الرأس والقدمين لأنهما طاهران مكشوفان فاستقبل بهما كل حالاته وليس فيهما من الخضوع والتبتيل ما في الوجه والذراعين.
[المقصد الثالث] في الغسل والنظر في أنواع وأحكام أنواعه، اعلم أن الغسل على ضربين واجب وندب فالواجب ستة غسل الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس ومس الميت بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل وغسل الموتى فها هنا فصول الأول: في الجنابة وقد اتفق علماء الأمصار على أن الجنابة سبب موجب للغسل والقرآن دل عليه قال الله تعالى: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) والكلام ها هنا يقع على ثلاثة مباحث الموجب للجنابة وكيفية الغسل المزيل لها وأحكام الجنب [الأول] البحث في الموجب وهي تكون تارة بسبب إنزال المني وهو الماء الغليظ الدافق غالبا يخرج عند اشتداد الشهوة يشبه رائحته رطبا رائحة الطلع ويابسا رائحة البيض وسمي منيا لأنه يمنى أي يراق ولهذا سميت منيا لإراقة الدماء بها ومن المرأة رقيق أصغر وعليه إجماع أهل الاسلام وروى مسلم في صحيحه أن أم سليم حدثت أنها سألت النبي (صلى الله عليه وآله) عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رأت ذلك المرأة فليغتسل فقالت أم سليم واستحييت من ذلك وهل يكون هذا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) نعم فمن أن (أين) يكون الشبهة (الشبه) ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيها على أو سبق يكون منه الشبه وروت أيضا عنه (عليه السلام) قال هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال النبي (صلى الله عليه وآله) نعم إذا هي رأت الماء وقال (عليه السلام) إنما الماء من الماء ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبلها فيخرج منه المني فما عليه قال إذا جاءت الشهوة ولها دفع وفتر لخروجه فعليه الغسل وإن كان إنما هو شئ ولم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس معناه إذا لم يكن الخارج هو الماء الأكبر لاستبعاد خروج الماء الأكبر بغير شهوة ولذة وفتور وأشار بذلك إلى من أشبه عليه اعتبره في الشهوة وروي في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة ترى أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتى تنزل قال تغسل وروي في الصحيح عن آدم بن الحر قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل عليها غسل؟ قال: نعم ولا تحدثونهن فيتخذنه علة وروي في الحسن عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال قلت يلزمني المرأة والجارية من خلفي وأنا متكي على جنب فتحرك على ظهري فتأتيها الشهوة ونزل الماء فعليها غسل أم لا فقال نعم إذا جاءت الشهوة وأنزل الماء وجب عليها الغسل وروى معاوية قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إذا أمنت المرأة والأمة من شهوة جامعهما الرجل أو لم يجامعهما في نوم كان أو يقظة فإن عليها الغسل وروي في الصحيح عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع قال سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج فتنزل المرأة هل عليها غسل قال نعم وروى في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المرأة ترى في منامها فتنزيل عليها غسل قال نعم وروي في الحلبي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المفخذ أعليه غسل قال نعم إذا نزل فخرج والمني الدافق بشهوة يوجب الغسل من الرجل والمرأة في يقظة أو نوم لا نعرف فيه خلافا لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يضع ذكره على فرج فيمني عليها فقال إن أصابها من الماء شئ فليغسله وليس عليها شئ إلا أن يدخله قلت فإن أمنت هي ولم يدخله قال ليس عليها الغسل وروي في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) كيف جعل على المراة إذا رأت في النوم ان الرجل يجامعها في فرجها فوجب الغسل ولم يجعل عليها الغسل إذا جامعتها دون الفرج في اليقظة فأمنى قال لأنها رأت في منامها ان الرجل يجامعها في فرجها عليها الغسل والآخر إنما جامعها دون الفرج فلم يجب عليها الغسل لأنه لم يدخله ولو كان أدخله في اليقظة وجب عليها الغسل أمنت أو لم تمن وروي في الصحيح عن عمر بن أذينة قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) المرأة تحتلم في المنام فيهرق الماء الأعظم قال ليس عليها الغسل لأنا نجيب عن ذلك كله بأن هذه أخبار آحاد عارضت الاجماع فيكون مردودة بالاتفاق على أنه يحتمل أنه إنما قال فإن أخذت هي والسامع لم يفهم ذلك وعمر بن يزيد هذا قدر روى بغير هذا اللفظ قال اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة ولبست ثيابي وتطيبت فمرت بي رضيعة فخذت لها فأمذيت أنا وأمنت هي فدخلني في ذلك ضيق فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك فقال: ليس عليك وضوء ولا عليها غسل فاختلاف روايته دال على عدم الضبط فوجب اخراجها وأيضا يمكن أن يحمل المني على المذي الذي هو شبيه في بعض الأحوال بالمصاحب له بالمجاز قال الشيخ ويحتمل أنه (عليه السلام) أجابه عما هو الثابت في نفس الامر لا على اعتقاد السائل فلعله يعتقد ما ليس بمني منيا وهذا هو الجواب عن الحديث الثاني وعن الثالث باحتمال أنها رأت في النوم الانزال ولما استيقظت ظهر لها بطلانه لأنها وجدته في حال اليقظة. فروع [الأول] قال علماؤنا خروج المني مطلقا