من خروجه بذلك عن هيئة الصلاة ولم يرد بانقلابه السجود وإنما أراد الانقلاب فقطع بذلك عنه السجود فصار كما لو نوى نقل يده التبرد لا غير ولو نوى ترك السجود فسقط لا للسجود لم يجزيه لعدم النية والأقرب البطلان لو وجب ما ينافي الصلاة أما لو أهوى يريد السجود أو كان على إرادته لم يحدث إرادة أخرى غير السجود ثم استوى أجزأه ما لم يتطاول هذا الانقلاب.
[البحث السابع] في التشهد، التشهد تفعل من الشهادة وهي الخبر القاطع وهو واجب في كل ثنائية مرة وفي كل ثلاثية ورباعية مرتين وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام وبه قال أحمد والليث بن سعد وإسحاق وقال الشافعي الأولى سنة والثاني فرض وقال أبو حنيفة: كلاهما مسنونان لكن الجلوس في التشهد الثاني بقدره واجب. لنا: على وجوب الأول، ما رواه الجمهور عن ابن غياث أن النبي صلى الله عليه وآله أمره بالتشهدين والامر للوجوب ولان النبي صلى الله عليه وآله داوم على فعله وقال " صلوا كما رأيتموني أصلي " ومتابعته واجبة في أقواله وأفعاله وعن ابن مسعود قال علمني رسول الله صلى الله عليه وآله التشهد في وسط الصلاة وآخرها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سودة بن كليب قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما يجزي من التشهد قال: الشهادتان والاجزاء يفهم منه الوجوب وقال أحمد بن محمد بن أبي نصر في جامعه والتشهد تشهدان في الثانية والرابعة فأما الذي في الثانية فما ذكره معاوية بن عمار عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام وما رواه الشيخ في الحسن عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام لما علمه الصلاة فصلي ركعتين على هذا ويداه مضمومتا الأصابع وهو جالس في التشهد فلما فرغ من التشهد سلم فقال: يا حماد هكذا صل والامر للوجوب وعن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: التشهدان في كتاب علي شفع ولأنه أحد التشهدين فكان واجبا كالآخر احتج الشافعي بأنه يسقط بالسهو فكان كالمندوبات والجواب: المنع من السقوط فإنه يجب قضاؤه عندنا على ما يأتي ولو سلم لم يدل على عدم الوجوب ليستبان تسبيح الركوع مثلا مع وجوبه عندنا ولو سلم لكن متى يكون عدم القضاء دليلا على عدم الوجوب إذا سقط لا إلى بدل أو مع البدل الأول مسلم ونحن لا نقول به والثاني: ممنوع والبدل عندنا هو سجدتا السهو فكان ذلك خبرا كخبر آيات الحج بخلاف السنن وأما وجوب التشهد الثاني فيدل عليه ما تقدم من مداومته عليه السلام وأمره به وتعليمه الصحابة إياه وما رواه الأصحاب وبالإجماع المركب. * مسألة:
وصورة التشهد الواجب اشهد أن إلا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وما زاد عليه فهو مندوب لرواية سؤدة بن كليب عن الباقر عليه السلام وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام التشهد في الصلاة قال مرتين قلت وكيف مرتين؟ قال: إذا استويت جالسا فقل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف، قال قلت فقول العبد التحيات لله والصلاة الطيبات؟ قال:
هذا اللطف من الدعاء بلطف العبد ربه وفي رواية عبد الملك بن عمر الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام قال: التشهد في الركعتين الأولتين اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وفي رواية أبي نصر عنه عليه السلام أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسوله والأصل في ذلك كلا وجوب الشهادتين لا يقال قد روى الشيخ عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام فما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الأوليين؟ قال: أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قلت فما يجزي من تشهد الركعتين الأخيرتين؟ فقال:
الشهادتان وذلك يدل على الاكتفاء بالشهادة الواحدة في التشهد الأولى وقد روى عن حبيب الخثعمي عن أبي جعفر عليه السلام يقول: إذا جلس الرجل للتشهد فحمد الله أجزأه وعن بكر بن حبيب قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التشهد، فقال: لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا إنما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون إذا حمدت الله أجزأ عنك وذلك يدل على أن الشهادتين غير واجبين بل مطلق الذكر مجز لأنا نقول أن الرواية الأولى دلت عليه هذا المقدار وليست مانعة من وجوب الزيادة فيعمل بما يتضمنه حديث الزيادة فإن قلت إن الاجزاء لا يستعمل إلا مع نفي وجوب الزائد قلت لو كان هذا المعنى مرادا هنا لوجب الاجتزاء بالشهادة الواحدة في الأخير أيضا لما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك التشهد الذي في الثانية يجزي أن أقول في الرابعة قال: نعم لكن الثاني باطل لقوله قلت فيما يجزي من تشهد الركعتين الأخيرتين فقال: الشهادتان والحديث الثاني إذا احتج (صح) سنده محمول على حمد مضاف إلى الشهادتين لأنه كاف عنها وكذا الحديث الأخير. فروع: [الأول] التحيات ليست واجبة في واحد من التشهدين ذهب إليه علماؤنا أجمع وأوجبها الشافعي وأحمد.
لنا: الأصل عدم الوجوب ولان الواجب هو التشهد وليس هذا المعنى موجودا في التحيات ويؤيده ما تقدم من الروايات من طرقنا الدالة على الاكتفاء بالشهادتين احتجوا بما رواه ابن مسعود قال علمني رسول الله صلى الله عليه وآله التشهد فقال: التحيات الخ والجواب: أن هذه رواية فيما يعم به البلوى فكيف يخص النبي صلى الله عليه وآله ابن مسعود بتكلم تكليف عام نعم إذا كان ندبا جاز أن يفتقر النبي صلى الله عليه وآله في إبلاغه بطريق الواحد. [الثاني] تقديم التسليم على التشهد مبطل للصلاة وعليه فتوى علمائنا وقال الشافعي وأحمد المجزي من التشهد أن تقول التحيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هذا هو القدر الواجب واختلفوا في الأفضل فقال أحمد وإسحاق أفضله ما رواه عبد الله بن مسعود