من المالك والفقير وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله أو الغارم أو العامل عليها أو لرجل اشتراها بماله أو رجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام فإذا أخرجها يعني الشاة فليقومها فيمن يريد فإذا قومت على ثمن كان أراد صاحبها فهو أحق بها وإن لم يردها فليبعها ولان دفع القيمة جائز على ما سلف بيانه فابتياعها أولى احتجوا بما روي عن عمر قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذين كان عنده فظننت أنه باعه برخص فأردت أن اشتريه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا تبيعه ولا تعد في صدقتك ولو أعطاك بدرهم فإن العائد في صدقتك كالكلب يعود في فيه والجواب: الظاهر أن عمر كان وقت ذلك الفرس ولهذا قال لا تعد في صدقتك ولو أعطاك بدرهم فأما الشراء فليس عودا فيها ويحتمل انصراف النهي إلى الاسترجاع بغير عوض فإن اللفظ لا يتناول الشراء كالعود في الهبة ويعضده قول النبي صلى الله عليه وآله العائد في هبته كالعائد في فيه ولو اشترى الواهب ما وهبه لم يكن مكروها ويحتمل انصراف النهي إلى الكراهية جمعا بين الأدلة. فروع:
[الأول] الجواز وإن كان ثابتا لكنه مكروه بلا خلاف لأنها طهارة للمال فيكره شراء طهور ماله ولأنه ربما استحى الفقير فيغابن معه وأرخصها عليه فيكون ذلك وسيلة إلى استرجاع بعضها وربما طمع الفقير في غيرها منه فأسقط بعض منها. [الثاني] لو اشتراه انعقد البيع وملكها المشتري بلا خلاف بين العلماء إلا من أحمد فإنه قال ببطلان البيع. لنا: ما تقدم من الجواز. [الثالث] لو عادت إليه بميراث لم يكن مكروها بلا خلاف إلا من الحسن بن حي وابن عمر. لنا: ما رواه الجمهور أن رجلا تصدق على أمه بصدقة ثم ماتت فسأل النبي صلى الله عليه وآله فقال قد قبل الله صدقتك وردها إليك الميراث. [الرابع] لو احتاج إلى شراها بأن يكون الغرض جرا الحيوان لا يتمكن الفقير من الانتفاع به ولا يشتريه غير المالك أو يحصل للمالك ضررا بشراء غيره جاز شراءها وزالت الكراهية إجماعا. * مسألة: العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات ولا وارث له ورثه أرباب الزكاة ذهب إليه علماؤنا لأنه اشترى من مال الزكاة وكان في الحقيقة لأربابها ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يزيده فاشتراه بتلك الألف الدرهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز ذلك قال نعم لا بأس بذلك قلت فإنه لما إن أعتق وصار حرا اتجر واحترف فأصاب مالا ثم مات وليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن له وارث قال يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة لأنه إنما اشترى بمالهم وها هنا وجه آخر وهو أن يقال ميراثه للامام لان الفقراء إنما يملكونه لأنه أخذ مصارف الزكاة فيكون ثيابه ويقوى هذا ضعف الرواية لان في طريقها ابن فضال وابن بكير وهما فطحيان غير أن محققي علمائنا على العمل بها فكان أولى. * مسألة: لو أدعى المالك الاخراج قبل قوله ولم يكلف بينة ولا يمينا وكذا لو قال هي وديعة أو لم يحل على المال الحول وقال الشافعي إن أدعى خلاف الظاهر كلف اليمين فإن حلف وإلا ألزم. لنا: أنه أمين ولان له ولاية الاخراج فيكون قوله مقبولا كالوكيل ولأنها عبادة فلا يفتقر أدائها إلى اليمين كغيرها من العبادات ولما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لعامل فإن أجابك منهم يجب فامض معه وإن لم يجبك فلم تراجعه. * مسألة: وإذا قبض الامام أو الساعي الزكاة دعا لصاحبها إجماعا لقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم) وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان إذا أتي الصدقة قال اللهم صل على آل فلان وهل هذا الدعاء واجب؟
الأقرب الاستحباب وبه قال الشافعي وقال داود الطاهري أنه الواجب وللشيخ قولان. لنا: الأصل عدم الوجوب وما نقل عن النبي صلى الله عليه وآله لما أنفذ معاذ وعليه فقال أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم لتوضع في فقرائهم ولم يأمره بالدعاء ولو كان واجبا لم يحل به ولأنه غير واجب على الفقير المدفوع إليه قياسه أولى احتج الشيخ بظاهر الآية والجواب: أنها محمولة على الاستحباب.
[المقصد الخامس] في زكاة الفطرة وفيه مباحث {الأول} فيمن تجب عليه وقد أجمع العلماء كافة على وجوب زكاة الفطرة إلا ما نقل عن داود وبعض أصحاب مالك من أنها سنة و اختلفوا هل هي فرض أم لا فقال الموجبون أنها فرض إلا أبا حنيفة فإنها جعلها واجبة غير فرض ويدل على الوجوب النص والاجماع قال الله تعالى: (قد أفلح من تزكى) قال علماء أهل البيت عليهم السلام المراد زكاة الفطرة ومثله قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وروى الجمهور عن عبد الله بن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وآله صدقة الفطرة طهرة للصائم من الرفث وطعمة المساكين وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله فرض صدقة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل من ضمنت إلى عيالك من حرا ومملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه وفي الصحيح عن صفوان الجمال قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة فقال على الصغير والكبير والحر والعبد عن كل انسان صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب وأما الاجماع فقد اتفق علماء الاسلام على وجوبها وخلاف داود بن حارث لا نام له ومنازعة أبي حنيفة في إطلاق اسم الفرض عليه ضعيف لأنها معلومة الوجوب. * مسألة: ولا تجب إلا على المكلفين فيسقط عن الصغير والمجنون ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الحسن البصري والشعبي ومحمد بن الحسن الشيباني وأطبق الجمهور على وجوبها على اليتيم ويخرج عنه الولي. لنا: قوله عليه السلام رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق وهو ظاهر في سقوط