والشعير والتمر والزبيب ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة ولأنه مال يجب فيه الزكاة فيشترط فيه النصاب كغيره من أموال الزكاة احتج أبو حنيفة بقوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر لأنه مال لا يعتبر فيه الحول فلا يعتبر فيه النصاب. والجواب عن الأول: أن أحاديثنا أخص فيعمل عليها ويخصص بها هذا العموم كما في قوله عليه السلام في الرقة ربع العشر وقد خص بقوله عليه السلام ليس فيما دون مأتي درهم صدقة وقياسه باطل لان العلة فيه عدمية لم يشهد (حملناه) شئ من الأصول (بالباين) مع إنا نقول الزرع يكمل نماؤه عند الانعقاد فلا يعتبر فيه الحول أما غيره فإن الحول مظنة لاستكمال النماء غالبا مع الفرق باقيا شئ. * مسألة: والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وآله يكون مقدار النصاب ثلاثمائة صاع والصاع أربعة أمداد وهذا الحكمان مجمع عليهما والمد رطلان وربع بالبغدادي يكون الصاع تسعة أرطال وهو قول أكثر علمائنا وقال ابن أبي بصير منا المد رطل وربع وقال الشافعي رطل وثلث وقال أبو حنيفة رطلان. لنا: الأصل عدم الوجوب واعتبار الأكثر في النصاب موافق لهذا الأصل فيصار إليه وقد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف و الصاع ستة أرطال بأرطال المدينة يكون تسعة أرطال بالعراقي ولان النصاب شرط وبالتقدير الأدون لا يتعين حصوله والأصل عدم شغل الذمة فيقف الوجوب على الأعلى احتج ابن أبي بصير بما رواه سماعة قال كان الصاع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة أمداد والمد قدر رطل وثلثة أواق واحتج الشافعي بأن أبا يوسف دخل المدينة فسألهم عن الصاع فقالوا خمسة أرطال وثلث فسألهم عن الحجة فقالوا (غدا) فجاء من الغد سبعون شيخا كل واحد منهم أخذ صاعا تحت ردائه فقال صاعي وزنه هذا واحتج أبو حنيفة بأن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بالمد وهو رطلان ويغتسل بالصاع. والجواب عن الأول: أن سماعة فطحي ومع ذلك فلم يسنده إلى إمام ومع ذلك فإنه حكم بأن الصاع خمسة أمداد فيكون مقاربا لما قلناه من أن الصاع أربعة أمداد والأرطال هنا بمعيار المدينة وعن الثاني: بضعف هذه الرواية فإن الباقر عليه السلام ما كان يخفى عنه صاع المدينة وهو بعيد علمائنا وإمامهم وقد أخبر مالك أن عبد الملك تجزي صاع عمر وقد كان ينبغي له أن يتحرى صاع النبي صلى الله عليه وآله، وعن الثالث: أنها معارضة بما رواه الشافعي فيجب التوقف فيهما والمصير إلى غيرهما وذلك موجب للاخذ برواياتنا وقد كتب موسى بن جعفر عليه السلام الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي وذلك نص في الباب. فروع: [الأول] الرطل العراقي مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وهو سبعون مثقالا والمثقال درهم وثلثة أسباع درهم وقد روى الشيخ عن سليمان بن حفص المروري عن أبي الحسن عليه السلام أن الصاع خمسة أمداد والمد وزن مأتين وثمانين درهما والدرهم وزن ستة دوانيق والدانق ست حبات والحبة وزن حبتين من شعير من أوسط الحب لا من صغاره ولا من كباره. [الثاني] هذا التقدير تحقيق لا تقدير ولو نقص النصاب عن خمسة الأوسق ولو قليلا سقطت الزكاة خلافا لبعض الشافعية. لنا: ما رواه الجمهور عن عائشة قالت خرجت السنة أنه ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة والوسق ستون صاعا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لي في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق والعنب مثل ذلك وعن أبي بكر عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة ولأنه نصاب يتعلق به وجوب الفرض فكان محددا كغيره ولان الظاهر غير معتبر في الشرع لعدم ضبطها فلا بد من ضابط وهو ما قلناه احتج المخالف بأن الوسق في اللغة الحمل وهو يزيد وينقص والجواب التحديد الشرعي (حظر) الزيادة والنقصان. [الثالث] النصب معتبر في الكيل بالأصواع واعتبر الوزن للضبط والحفظ فلو بلغ الكيل النصاب بالكيل والوزن معا وجبت الزكاة قطعا ولو بلغ بالوزن دون الكيل فكذلك لو بلغ بالكيل دون الوزن كالشعير فإنه أخف من الحنطة مثلا لم يجب الزكاة على الأقوى وقال بعض الجمهور ويجب وليس بالوجه. [الرابع] لو تساوت الموازين في النقصان اليسير كالرطل مثلا لم يجب الزكاة خلافا لبعض الشافعية لما تقدم من أن التقدير تحقيق لا تقريب ولو اختلف الموازين الصحيحة لم يؤثر النقص اليسير في الوجوب.
[الخامس] لو شك في وجوب الزكاة فيه وليس هناك مكيال ولا ميزان ولم يوجدا لم يجب الزكاة لوقوع الشك في بلوغ النصاب والأحوط الاخراج.
[السادس] إنما يعتبر الأوساق عند الجفاف فلو بلغ الرطب النصاب أو العنب لم يعتبر ذلك واعتبر النصاب عند جفافه وتمرا أو زبيبا وهو إجماع.
* مسألة: لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا إذا تمت على ملكه فلو ابتاع غلة أو وهب أو ورث بعد بدو الصلاح لم يجب عليه الزكاة فهو قول العلماء كافة وإذ أخرج الزكاة منها لم يكرر عليه وإن بقيت أحوالا وهو إجماع العلماء إلا الحسن البصري ولا اعتداد بخلافه لأنها غير معدة للنماء فلا يجب فيها الزكاة كالنبات ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة وعبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس فيه عليه شئ وإن حال عليه الحول عنده إلا أن يحول مالا فإن فعل في ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه وإلا فلا شئ عليه ولو بقيت ألف عام إذا كان بعينه ولنا: عليه فيه صدقة العشر فإذا أداها مرة واحدة فلا شئ عليه فيها حتى يحوله مالا ويحول عليه الحول وهو عنده.
فروع: [الأول] لو (ابتاع) عنها للتجارة تعلق زكاة التجارة بها أما وجوبا أو استحبابا على الخلاف. [الثاني] لو اشتراها قبل بدو الصلاح كالمعدومة فكأنها تمت في ملكه وسقطت الزكاة عن البائع ولو عاد البائع اشتراها بعد بدو الصلاح وجبت الزكاة على البائع الثاني كما باعها