عن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين قال تمت صلاته ولا يعيد ولأنها صلاة وقعت على وجه المطلوب شرعا فلا يستعقب وجوب القضاء كغيرها في الصلاة احتج الشيخ بما رواه سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه عليه السلام التقصير في الصلاة بريدين أو بريد ذاهبا وجائيا والبريد ستة أميال وهو فرسخان فالتقصير في أربعة فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثنا عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ ثم بلغ فرسخين ونيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر وإن رجع عما نوى عند بلوغ فرسخين وأراد المقام فعليه التمام وإن كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة والجواب أن السند لا يحقق حاله ومع صحته فهو معارض بما قدمناه بغيره من الأحاديث الدالة على أن التقصير في ثمانية فراسخ.
[المقصد السابع] في صلاة الخوف والتطريق وفيه مباحث {الأول} صلاة الخوف ثابتة بالكتاب والسنة قال الله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) الآية وقد ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وآله صلى صلاة الخوف وحكمها باق بعد النبي صلى الله عليه وآله ذهب إليه علماؤنا وأكثر الجمهور خلافا لأبي يوسف فإنه قال أنها كانت مختصة بالنبي صلى الله عليه وآله وللمزني فإنه قال إن الآية منسوخ. لنا: قوله تعالى: (وإذا كنت فيهم) الآية وما ثبت له عليه السلام كان يفسره لما بينا من وجوب المتابعة فيما لم يثبت تخصيصه عليه السلام وبه هذا (وبهذا) لما سئل عن قبلة الصائم وأجاب ما بنى فعل ذلك فقال السائل لست مثلنا فغضب فقال إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله ولو اختص بفعله لما كان الاخبار بفعله جوابا ولا غضب من قول السائل لست مثلنا وقد كان الصحابة يحتجون بفعله عليه السلام وهذا كثير وما رواه الجمهور عن علي عليه السلام أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهرير وعن الحسين صلوات الله عليه أنه صلى صلاة الخوف بأصحابه وعن أبي موسى الأشعري أنه صلى صلاة الخوف بأصحابه وكان أبو سعد بن العاص أميرا على الجيش بطبرستان فقال أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الخوف فقال حذيفة انا فقدمه فصلى بهم ولم ينكر أحد من الصحابة ما فعله هؤلاء فكان إجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع صلاة الخوف وما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر أنه قال إذا كان صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين ورواه في الصحيح عن فضل ومحمد بن مسلم عنه عليه السلام وفي الصحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الخوف وصلاة السفر يقصران جميعا قال نعم وصلاة الخوف أحق أن يقصر من صلاة السفر ليس فيه خوف احتج أبو يوسف أن الله خصص الخطاب بالرسول عليه السلام وشرط كونه فيهم واحتج المزني بأن النبي صلى الله عليه وآله أخر يوم الخندق أربع صلاة اشتغالا بالقتال ولم يصل صلاة الخوف. والجواب عن الأول: أن التخصيص لقضاء لا يمنع وجوب المتابعة إجماعا ولهذا أنكرت الصحابة على مانعي الزكاة حيث قالوا إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله: (خذ من أموالهم صدقة) فخصه بذلك، وعن الثاني: بالمنع من تأخير الصلاة ولو سلم فإنما جاز ذلك لأنه جرى قبل نزول آية الخوف وإنما يوجد بالآخر ولو سلم فصلاة الخوف منوطة بشروطه فربما كان بعضها فائتا.
* مسألة: وهي مقصورة في السفر إجماعا إلا المغرب والصبح في الحضر خلاف قال بعض علماؤنا أنها مقصورة كالسفر سواء صليت جماعة أو فرادى وبه قال ابن عباس والحسن وطاوس وقال آخرون لا يقصر مطلقا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وقال الشيخ في المبسوط إن صليت في الحضر جماعة قصر وإلا فلا. لنا: قوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) وهو دليل على الاقتصار على ركعتين من غير شرط للسفر فتحمل على الاطلاق إلى أن يظهر المنافي وقوله تعالى:
(وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) وليس المراد بالضرب ضرب السفر الذي يجب معه القصر وإلا لكان اشتراط الخوف لغو أو لأنه صلى الله عليه وآله يصلى عنه صلاة الخوف مكررا ولم ينقل عنه غير القصر وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام من أن صلاة الخوف يقصر كالسفر وقد تقدمت وما رود من الأخبار الدالة على صفة صلاة الخوف وكونها ركعتين ولو كانت أربعا لبينوا عليهم السلام حكمها كما بينوا حكم الثلاثية. * مسألة: ولا يقصر عن ركعتين في حق الإمام والمأموم وعليه فتوى علمائنا وأكثر أهل العلم وحكي عن ابن عباس أنه قال صلاة الخوف لكل طائفة ركعة وللامام ركعتان وبه قال الحسن وطاوس ومجاهد. لنا: ما رواه الجمهور أنه صلى الله عليه وآله صلى بذات الرقاع بكل طائفة ركعتين لا يقال هذا خلاف مذهبكم لأنه يصلي بكل طائفة ركعة ويتم لنفسها لأنا نقول المراد بذلك أنها صلت ركعتين في حكم صلاته ولان الإمام والمأموم على صفة واحدة فيجب تساوي حكمهما ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في كيفية صلاة الخوف وسيأتي إن شاء الله احتج المخالف بقوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم) دلت على أن كل طائفة يصلي ركعة. والجواب: يحمل قوله: (فإذا سجدوا) أي فعلوا الركعة الأخرى وعبر عنها بالسجود وتسميته للمركب باسم الجزء. {البحث الثاني}، في الكيفية، * مسألة: قال علماؤنا أن الامام يفترق الجماعة فرقتين فرقة يجزيهم ويقف مع العدو وفرقة يصلي معه فليصلي بها ركعة في الثانية ثم يقوم ويقومون معه فيطيل القيام ويتمون الصلاة ويتشهدون ويسلمون ثم يذهبون فيقفون موقف أصحابهم ويأتي الطائفة الأخرى فيفتتح الصلاة ثم يركع بهم ويسجد السجدتين ويجلس مطيلا حتى يقوم ومن خلفه فيتمون صلاتهم و يتشهدون ثم يسلم بهم وهذه صلاة النبي صلى الله عليه وآله بذات الرقاع وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وداود وقال أبو حنيفة يصلي