أو ماء نجس وقلب منه وغسل الاناء طهر ولو قذف فيه الاناء قبل قلبه لم يطهر وهو أحد قولي الشافعي وفي الآخر: أنه يطهر لأنه لو كانت الاناء بالماء لطهره فكذا ما فيه من النجاسة لو كانت لطهر والفرق ظاهر لانتقال الماء بالنجاسة الموجودة بخلاف الاناء النجس للضرورة هنا المنتفية هناك. [الثالث] غسل الجنابة يختلف باختلاف محلها فإن كان جسما لا تتشرب النجاسة كالآنية فغسله بإمرار الماء عليه كل مرة غسله سواء كان بفعل آدمي أو غيره لانتفاء اعتبار القصد فإن وقع في ماء قليل نجسه ولم يطهر وإن كان كثيرا راكدا احتسب بوضعه فيه ومرور الماء على أجزائه غسله وإن حضحضه فيه وحركه بحيث يمر عليه أجزأ غير الذي كانت ملاقيه له احتسب بذلك غسلة ثانية كما لو مرت عليه جريات من الماء الجاري وإن كان المغسول إناء وطرح فيه الماء لم يحتسب به غسلة حتى يفرغه منه لأنه العادة في غسله إلا أن يسع كرا فصاعدا فإن أداره الماء فيه يجري مجرى الغسلات بمرور جريات من الماء غير الأولى على أجزائه ولو كان المغسول حينما يدخل فيه أجزاء النجاسة لم يحتسب برفعه من الماء غسله إلا بعد عشر ولو تعذر كالبساط المغسل دق وقلب.
* مسألة: اتفق علماؤنا على أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ إلا ابن الجنيد سواء كان طاهرا في حال الحياة أو لم يكن وبه قال علي (ع) وهو المشهور عن أحمد وإحدى الروايتين عن مالك وبه قال عمر وأبيه عبد الله وعمران بن حصين وعائشة وقال الشافعي كل حيوان طاهر في الحياة يطهر جلده بعد الموت بالدباغ وما رواه الجمهور عن علي (ع) وهو مروي عن عطا والحسن البصري والشعبي والنخعي وقتادة ويحيى الأنصاري وسعيد بن جبير والأوزاعي والمسيب والثوري وابن المبارك وإسحاق وروي أيضا عن عمرو بن عباس وابن مسعود وعائشة وإن اختلفوا فيما هو طاهر في الحياة فعند الشافعي طهارة الحيوانات كلها إلا الكلب والخنزير فيطهر عنده كل جلد إلا جلدهما وفي الآدمي عنده وجهان وقال أبو حنيفة يطهر كل جلد بالدباغ إلا الخنزير والانسان وحكى أبو يوسف طهارة كل جلد حتى الخنزير وهو رواية عن مالك وبه قال داود ونقل الحنيفة عن الشافعي أنه لا طهر بالدباغ وقال الأوزاعي يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل وهو مذهب أبي ثور وإسحاق ونقل الشيخ عن مالك أنه قال: يطهر الظاهر منه دون الباطن فيصلي عليه ولا يصلي فيه ويستعمل في الأشياء اليابسة دون الرطبة ولا نعرف خلافا بين العلماء في نجاسته قبل الدباغ إلا ما نقله الشيخ عن الزهري أنه يجوز الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ وبعده. لنا: قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) والجلد مما تحله الحياة فيدخل تحت المحرم ولم نجص التحريم بشئ معنى فينصرف إلى الانتفاع مطلقا وما رواه الجمهور عن عبد الله بن حكيم ان النبي صلى الله عليه وآله كتب إلى جهنية أني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب ورواه أبو داود وأحمد قال اسناد جيد وفي لفظ آخر أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله قبل وفاته بشهر أو شهرين وأبو بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تنتفعوا من الميتة بشئ وإسناده حسن ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك الميتة ينتفع بشئ منها قال: لا قلت بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله مر بشاة ميتة فقال ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا باهابها قال: تلك شاة لسودة بنت زمعة زوجة النبي صلى الله عليه وآله كانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا باهابها أي بذكاتها وما رواه في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (ع) في الميتة قال: لا تصل في شئ منه ولا تبع وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألته عن الجلد الميت أتلبس في الصلاة فقال: لا ولو دبغ سبعين مرة وما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) عن علي بن الحسن (صل) عليه في حديث أن أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة ويزعمون ان دباغه ذكاته أجاب به عنه سؤال نزع الفراء عنه (ع) وقت الصلاة وعن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) قال سألته أدخل سوق المسلمين فاشتري منهم الفراء للتجارة فأقول لصاحبها أليس هي ذكية فيقول بلى فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها ذكية فقال: لا ولكن لا بأس أن يبيعها ويقول قد شرط الذي اشتريتها منه أنها ذكية، قلت وما أفسد ذلك قال: استحلال أهل العراق للميتة وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكوته ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلا على رسول الله صلى الله عليه وآله وما روي عن موسى (ع) أنه كتب لا ينتفع من الميتة باهاب ولا عصب ولان الموت ينجس لذاته كاللحم فكان كجلد الخنزير ولأنه جرأ لميتة فلا يطهر بالدباغ كاللحم ولأنه نجس قبل الدباغ فكذا بعده عملا بالاستصحاب ولأنه حرم بالموت وكان نجسا كما قبل الدبغ ولان الموت سبب للتنجيس بالمناسبة التفريضة الجثة للنتن والتغيرات التي نجس معها المجانبة ولأنه علة للنجاسة بالدوران وجودا وعدما فكان نجسا دائما لوجود السبب احتج ابن الجنيد بما رواه الشيخ عن الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في جلد شاة ميتة يدبغ ويصب فيه اللبن ويشرب منه وأتوضأ قال: نعم، يدبغ وينتفع به ولا يصل فيه واحتج الجمهور بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا دبغ الإهاب فقد طهر ولان رسول الله صلى الله عليه وآله وجد شاة ميتة أعطيها مولاه بميمونة من الصدقة قال رسول الله صلى الله عليه وآله بلا (هلا) انتفعتم بجلدها قالوا انها ميتة، قال: إنما حرم أكلها ولأنه إنما كان نجسا بالدماء والرطوبات به (بالموت) والدبغ يزيل ذلك فيرجع الجلد إلى أصله في حال الحياة والجواب من حديث ابن الجنيد انه معارض بما ذكرناه فيرجع إلى أصل النجاسة وأيضا فالانتفاع لا يستلزم الطهارة لأنه لو كان طاهرا لم يكن