ما ذكرناه خاص فيكون مقدما وهو الجواب عن رواية ابن سنان على أنها إنما رأت عقيب أمرها بالاغتسال والوضوء وأما ما ذكرتموه من القياس على الحائض فهو ينقلب عليكم لأنا نقول فيشترط فيه انقطاع الدم كالحائض وأما التمسك بالأصل فضعيف مع ما ذكرناه من الأدلة واما ما ذكره من تأويل رواية زرارة فضعيف إذ المنطوق تعليق الحل بالحل والاحتمال الذي ذكروه في رواية ابن أعين لم يدل عليه اللفظ فلا يكون مقبولا. مسألة:
ويجب عليه التحفظ بمنع الدم من التعدي على قدر الامكان بأن تختشي وتستثفر وتحتاط بحشو القطن أو ما يشبهه لرد الدم لما رواه يونس عن رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر حمنة لما شكت إليه كثرة الدم احتشي كرسفا فقالت إنه أشد من ذلك إني أثجه ثجا فقال لها تلجمي وفي رواية فضيل وزرارة عن أحدهما عليه السلام وتحتشي وفي رواية ابن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام واحتشت كرسفا وتنظر فإن ظهر على الكرسف زادت كرسفها في رواية ابن أبي نعيم عن أبي عبد الله عليه السلام ولتحتشي بالكرسف ولتستثفر وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ويستوثق من نفسها وفي رواية معاوية بن عمار وتحتشي وتستثفر وتضم فخذيها في المسجد وفي رواية صفوان عن أبي الحسن عليه السلام وتستدخل قطنة والأحاديث في ذلك كثيرة وروى محمد بن يعقوب في كتابه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله تستدخل قطنة وتستثفر بثوب ولان طهارة البدن من النجاسة شرط في الاذن في الدخول في الصلاة فيجب تحصيله بقدر الامكان وكذا البحث في صاحب السلس والمبطون وصاحب الجرح وقد تقدم إلا أن الاستحاضة تفارقهم لوجوب تغيير السداد للنص وليس ذلك بواجب في حقهم لعدم الدلالة. مسألة: قد ذكرنا أن المستحاضة إذا انقطع دمها انتقض وضوئها وهو قول الشيخ في المبسوط وقد أطلق الشيخ هذا والذي يقتضيه النظر التفصيل فإن الانقطاع إن كان للبئر ثبت ما قاله الشيخ أما لو انقطع ثم عاد فالوجه أنه لا عبرة بهذا الانقطاع لأن اعتباره مما يشق والعادة في المستحاضة وأصحاب الاعذار كالسلس والمبطون ان الخارج تجري تارة وتنقطع أخرى واعتبار مقدار الانقطاع بما يمكن فعل العبادة فيه يشق جدا وإيجاب الوضوء عند كل انقطاع غير مستقر خرج لم يثبت بدليل شرعي اعتباره ولم يسأل النبي صلى الله عليه وآله عنه المستحاضة التي استفتته فلم يكن مستبرأ. فروع: الأول لو انقطع دمها في أثناء الصلاة للبئر احتمل وجوب الاتمام والإعادة حينئذ لأنها دخلت في الصلاة دخولا مشروعا فليس لها إبطاله كالمتيمم يجد الماء بعد الدخول والابطال لان حدثها لم يترفع وإنما دخلت مع الحدث للضرورة وقد زالت والحمل على التيمم قياس والأول أقوى. الثاني لو كان دمها يجرى تارة وينقطع أخرى فإن اتسع وقت الانقطاع للطهارة والصلاة انتظر به ما لم يخرج الوقت وإن لم يتسع جاز لها الوضوء والصلاة مع جريان الدم ولو توضأت حال جريانه وانقطع فدخلت في الصلاة جاز ولو استمر الانقطاع بطلت صلاتها لظهور أن هذا الانقطاع قد أبطل طهارتها قبل الشروع في الصلاة. الثالث لو توضأت حال الجريان ثم صلت بعد الانقطاع فإن علمت أنه تعاود صحت صلاتها وإن شك لم يصح سواء عاد إليها الدم وهي في الصلاة أولا أما مع عدمه فظاهر أما مع عوده فلانها دخلت بطهارة مشكوك فيها فلم يصح وإن ثبت صحتها كما لو دخل الشاك في الطهارة في الصلاة ثم تبين أنه متطهر فإنه يعيد. مسألة: وغسلها كغسل الحائض سواء في اعتبار النية والترتيب ومقارنة الوضوء وغيره من الاحكام لا نعرف فيه خلافا بين علمائنا ولو كانت جنبا لو لم تغتسل للحيض كفا لها غسل واحد والبيان كما تقدم. مسألة: ولو اغتسلت لكل صلاة وتوضأت فهو أبلغ للتطهير وكان مستحبا وليس بواجب أما استحبابه فلانه طهر فيسن فيه التكرار لقوله عليه السلام الطهر على التطهر عشر حسنات وأما عدم الوجوب فلما روي من قولهم عليهم السلام تغتسل لكل صلاتين ولا نعرف في ذلك خلافا بين علمائنا وذهب بعض الجمهور إلى أنه يجب عليه الغسل لكل صلاة ورووه عن علي وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وهو أحد قولي الشافعي في المتحيرة ونحن نذهب إلى ما قاله الشافعي في المتحيرة لما تقدم من الأحاديث وقال بعضهم تغتسل كل يوم غسلا احتج القائلون بوجوب التكرار عند كل صلاة قال (إن) النبي صلى الله عليه وآله أمر أم حبيبة لما استخلصت (استحاضت) بالغسل لكل صلاة والجواب انه معارض لما تقدم من الأحاديث ولان الراوي عائشة فتحمل أنها توهمت الامر فيما ليس أمرا ولو سلم عن ذلك يحمل على الاستحباب.
الفصل الرابع في النفاس، وهو دم يقذفه الرحم عقيب الولادة يقال نفست المرأة ونفست بضم " النون " وفتحها وفي الحيض بالفتح لا غير وهو مأخوذ من النص وهي الدم لغة أو من تنفس الرحم بالدم. مسألة: ولا يكون نفاس إلا مع الدم سواء ولدته تاما أو ناقصا وهو قول أحمد في إحدى الروايتين وأحد قولي الشافعي وفي القول الآخر يجب عليها الغسل وهو قول أحمد في إحدى الروايتين وذكر الاختلاف بين زفر وأبي يوسف في وجوب الاغتسال عليها فأوجبه أحدهما دون الآخر. لنا: ان النفاس هو الدم المخصوص ولم يوجد ولان الأصل براءة الذمة من وجوب الغسل واستباحة الأفعال الممنوعة منها النفساء فالقول بوجوب الغسل إبطال للأصل من غير دليل ولان الوجوب حكم شرعي ولم يرد بالغسل ها هنا النص ولا معناه فإنه ليس بدم ولا مني وإنما ورد الشرع بالايجاب بهذين الشيئين احتجوا بأن الولادة مظنة النفاس الموجب فقامت مقامه في الايجاب كالتقاء الختانين ولان استبراء الرحم يحصل بها كالحيض فيثبت فيها حكمه ولان الولد خلق من المني وخروج المني يوجب الغسل والجواب عن الأول: أن المظنة إنما يعتبر بالنص أو الاجماع ولم يوجد ها هنا