أواق من الورق صدقة ليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل له مئة درهم وعشرة دنانير عليه زكاة قال لا إن كان فر بها من الزكاة فعليه الزكاة قلت لم يفر بها ورث مئة درهم وعشرين دنانير قال ليس عليه زكاة قلت فلا يكسر الدراهم على الدنانير ولا الدنانير على الدراهم قال لا ولأنهما مالان مختلفان في الجنس والنصاب فلا يضم أحدهما إلى الآخر كما في الماشية احتج المخالف بأنها منفعة في كونها أثمانا دار (وساق قيما) للمتسلقات والحنطة والشعير منفعة في كونهما قوتا فيضم أحدهما إلى الآخر كالعلس والسلت والجواب: الاشتراك فيما ذكرتم لا يستلزم الضم من غيره دلالة والسلت والعلس ضما للارفاق في الاسم. * مسألة: الدين لا يمنع الزكاة سواء كان للمالك مال سوى النصاب أو لم يكن وسواء استوعب الدين أو النصاب لم يستوعبه وسواء كانت أموال الزكاة ظاهرة كالنعم والجواب أو باطنة كالذهب والفضة وعليه علماؤنا أجمع وبه قال حماد بن أبي سليمان وربيعة بن أبي عبد الرحمن والعاصي ابن أبي ليلى والشافعي في الجديد وقال في القديم إذا لم يبق بعد قدر الدين نصاب لم يجب الزكاة وبه قال الحسن البصري والليث والثوري وإسحاق وأحمد في الأموال الباطنة وعنه في الظاهرة روايتان وقال مالك الدين يمنع الزكاة في الذهب والفضة دون غيرهما وقال أبو حنيفة الدين الذي يتوجه فيه المطالبة يمنع وجوب الزكاة في سائر الأموال إلا الحبوب والثمار لأنها خراج الأرض عنده. لنا: عموم الامر بالزكاة فلا يختص تقديم حالة الدين إلا بدليل ولم يثبت ولأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت الزكاة عليه كمن لا دين عليه ولان سعاة النبي صلى الله عليه وآله كانوا يأخذون الصدقات من غير مسألة عن الدين ولو كان مانعا فسألوا عنه ولان كل مال وجب فيه الزكاة مع عدم الدين وجبت فيه مع الدين كالأموال الظاهرة مع مالك ومع أبي حنيفة الحبوب والثمار والدين إذا كان عن كفارة أو نذر أو حج احتج المخالف بما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه وبقوله عليه السلام أمرت أخذ الزكاة من أعيانكم فأردها على فقرائكم والمدين فقير لأنه يعطي الزكاة ولأنه محتاج إلى قضاء الدين فصرف المال فيه أولى من الزكاة والجواب عن الأول: أنه خبر واحد فيما يعم به البلوى مع عدم اعتضاده بدليل فلا يكون مقبولا مع أن جماعة من العلماء أنكروا هذا الحديث على أنه يحتمل أن صاحب الدين طالبه به قبل الحول وعن الثاني ان اختصاص القي بذلك عرف بدليل الخطاب وهو غير منقول عن المحققين ومع تسليمه فإن الزكاة قد تجب على من يأخذها كمن ملك مأتي درهم وهي لا يقوم به وكذا لا يجب زكاة المال على من يقبل زكاة الفطرة إذا كان المال يعجز عن مؤنته وعن الثالث أنه يجب عليه قضاء دينه من ماله لا من ملك الفقراء. فروع: [الأول] لا فرق بين حقوق الله تعالى ودين الآدمي في عدم المنع من الزكاة.
[الثاني] لو كان له مال تجب فيه الزكاة كان الدين فيما لا زكاة عليه ووجبت في الآخر ولو كان له نصابا وعليه دين بقدر أحدهما وجبت الزكاة أيضا وكان المانعون من جنس أحدهما وجبت الزكاة في الآخر وإن لم يكن من جنسهما روعي حق الفقراء في ذلك. [الثالث] لو حجر الحاكم على الدين وإن كان قد فرق المال بين غرمائه ثم حال الحول فلا زكاة لاستحقاق الغرماء المال قبل الحزل فإن حجر ثم حال عليه الحول ولم يفرق المال ولا عينه فلا زكاة أيضا لعدم إمكان التصرف. [الرابع] لو أقر بالزكاة قبل الحجر قبل قوله سواء أصدقه الغرماء أو لم يصدقه من غير يمين أما لو أقر بعد الحجر فالأقرب القبول أيضا لأنه أمين فيه فيكون قوله مقبولا الغرماء بل يأخذ الغرماء المال وثبت الزكاة في ذمته. [الخامس] لو استأجر أربعين شاة راعيا بشاة في الذمة موصوفة في حال الحول وليس له ما يزيد على الأربعين وجبت الزكاة عليه عندنا لان الدين لا يمنع الزكاة والقائلون بالمنع أسقطوا الزكاة هنا لنقصان النصاب بمال الإجارة. [السادس] لو استقرض ألفا رهن عليه ألفا وجبت الزكاة على مال القرض وهل يجب في الرهن فيه تردد الشيخ في المبسوط الخلاف بين الوجوب لأنه مال مملوك قادر على التصرف فيه فجرى مجرى الغائب في يد الوكيل وبين السقوط لأنه ممنوع منه والقائلون بمنع الدين أوجبوا الزكاة في ألف واحد. [السابع] لو التقط نصابا وحال عليه الحول بعد التعريف سنة فإن كان قد نوى بعد حول التفريق التملك وجبت الزكاة في الحول الثاني وإن لم يكن له سواه والقائلون بأن الدين مانع أسقط الزكاة منها إذا لم يكن له سواه لوجوب مثله عليه لصاحبه وهل تجب الزكاة في المثل الذي في ذمته فيه قولان إن قلنا بوجوب الزكاة في الدين وجبت هنا إلا فلا وإن لم ينو التملك لم تجب الزكاة على واحد منها. [الثامن] إذا نذر الصدقة ببعض النصاب فإن كان بعد الحول لم تسقط الزكاة ولم يتداخلا إلا أن ينوي في نذر الصدقة بالزكاة فإن كان قبل الحول سقطت الزكاة فلو معه مائتان فحال عليها بعض الحول قبل بمائة أو حال الحول فلا زكاة وللشافعي قولان وقال محمد بن الحسن يخرج خمسة دراهم من كل مائة درهمان ونصف ويتصدق سبعة وسبعين درهما ونصف. لنا: أن النذر تعلق بالعين فخرج عن ملكه فلا يبقى النصاب تاما. [التاسع] لو حال الحول على مأتين فتصدق بها فإن نوى الزكاة صح وإن لم ينو صح وضمن حصة الفقراء وللشافعي قولان أحدهما كما قلنا والثاني يقع قدر الزكاة على الفرض والباقي عن النفل. لنا: أن الزكاة تفتقر إلى النية فلا يصح بدونها والوجه عندي أن نصيب الفقراء لا تصح الصدقة به ولا ينتقل إلى المتصدق عليه إلا أن يضمن المالك.
{البحث الثامن} فيما يستحب فيه الزكاة، * مسألة: مال التجارة هو المال المنتقل بعقد معاوضة قصد به الاكتساب عند التملك ولا يكفي بمجرد النية من دون الشراء فلو انتقل إليه هبة أو ميراث أو نوى العينة فلا زكاة فيه فإنما ثبت الزكاة مع تحقق ما قلناه إذا ثبت هذا فنقول اختلفوا علماؤنا في وجوب الزكاة فقال أكثرهم بالاستحباب وقال آخرون بالوجوب وقد سلف