[الفصل الثاني] في أفعال المندوبة وفيه مباحث {الأول} يستحب له إذا مشى إلى الصلاة أن يكون خاضعا خاشعا بخوف ووجل وعليه السكينة والوقار قال الله تعالى: (والذين هم في صلاتهم خاشعون) وقال: (انها لكبيرة إلا على الخاشعين) ويستحب له أن يقول إذا قام إلى الصلاة ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان ومعاوية بن وهب جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قمت إلى الصلاة فقل اللهم إني أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين اجعل صلاتي به متقبلة وذنبي به مغفورا ودعائي به مستجابا إنك أنت الغفور الرحيم ويستحب له أن يتوجه بسبع تكبيرات إحديها تكبيرة الاحرام بينها ثلاثة أدعية ويستحب له الاستكانة والخشوع في صلاته بما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرتفع يرفض عرقا وإن أتى بالصلاة على الوجه الأكمل غير مستعجل ولكن على سكون ووقار وروى الشيخ في الحسن عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في المسجد إذا دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال صلى الله عليه وآله: نقر كنفر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام العبد من الصلاة فخفف صلاته قال الله تعالى لملائكته ما ترون إلى عبدي كأنه يرى أن قضاء حوائجه بيدي غيري وما علم أن قضاء حوائجه بيدي ويستحب إيقاعها في المسجد جماعة لما رواه الشيخ في الموثق عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: لا صلاة لمن يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغا صحيحا وعن ابن أبي يعفور عن عبد الله عليه السلام قال هم رسول الله صلى الله عليه وآله بإحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم ولا يصلون الجماعة فأتاه رجل أعمى فقال يا رسول الله إني ضرير البصر وربما اسمع النداء ولا أجد من يقودني إلى الجماعة والصلاة معك فقال له النبي صلى الله عليه وآله: شد من منزلك إلى المسجد حبلا واحضر الجماعة و لأنها مواطن العبادة ومواضع الاستجابة فكان إيقاع الصلاة فيها أولى ويستحب إيقاعها في أول الوقت قال عليه أول الوقت رضوان أو آخره عفو الله والعفو لا يكون إلا من ذنب قال عليه السلام لفضل الوقت الأول على الآخر خير للمؤمن من ولده وماله رواهما ابن بابويه.
[البحث الثاني] في القنوت، * مسألة: اتفق علماؤنا على استحباب القنوت في كل ثانية من كل فريضة ونافلة وقال الشافعي القنوت في الصبح مستحب في جميع الأوقات وبه قال مالك وابن أبي ليلا والحسن بن صالح بن حي ونقله الشافعي في القديم عن علي عليه السلام وأبي وعمر وعثمان وأنس والحسن البصري وقال أبو حنيفة أنه غير مسنون بل هو مكروه في الصلاة كلها إلا الوتر وإليه ذهب الثوري وقال أبو يوسف إذا قنت الامام فاقنت معه وقال أحمد: القنوت؟ للأئمة؟ وعون للجيوش فإن ذهب إليه ذاهب فلا بأس وقال إسحاق: هو سنة عند الحوادث لا يدعه الأئمة. لنا: قوله تعالى: (وقوموا لله قانتين) لا يقال القنوت طول القيام لقوله عليه السلام أفضل الصلاة طول القنوت إلى القيام لأنا نقول المراد طول الدعاء كما قلناه لأنه صار حقيقة شرعية ولأنه دعاء فيكون مأمورا به لقوله تعالى: (ادعوني أستجب لكم) ولان الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافيا للصلاة وما رواه الجمهور عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله انه (ع) قنت شهرا يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه رواه مسلم وذلك يقتضي فعله في كل صلاة وبما رووه عن أبي هريرة قال لما رفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه من الركعة الثانية من التسبيح قال اللهم انج الوليد بن الوليد وسليمان بن هشام وعباس بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة واشدد وطأتك على مضر ورعل وذكوان و أرسل عليهم سنين كسني يوسف رواه البخاري وعن أنس قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا وذلك يبطل مذهب أبي حنيفة ويبطل مذهب الشافعي ما تقدم من الآيات وحديث أبي هريرة وما رواه ابن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها وما رووه عن علي عليه السلام انه قنت في صلاة المغرب على أناس وأشياعهم وإذا ثبت القنوت المغرب ثبت العموم لعد القائل بالفرق ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان الجمال قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر فيها وفي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع وفي الصحيح عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
القنوت في المغرب في الركعة الثانية وفي صلاة العشاء والغداة مثل ذلك وفي الوتر في الركعة الثالثة وفي الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: القنوت في كل ركعتين من التطوع أو الفريضة ولأنه دعاء مشروع في بعض الصلوات فيشرع في الباقي قد روى الشيخ عن عبد الملك بن عمرو قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده؟ قال: لا قبله ولا بعده وفي الصحيح عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن القنوت هل يقنت في الصلاة كلها أم فيما يجهر فيها بالقراءة؟ قال: ليس القنوت إلا في الغداة والوتر والجمعة والمغرب وعن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت في أي الصلوات أقنت؟ فقال: لا تقنت إلا في الفجر لأنا نقول أن ذلك محمول على نفي الوجوب لا نفي الاستحباب أو أنه على سبيل التقية بما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قال أبو جعفر في القنوت إن شئت فاقنت وإن شئت فلا تقنت قال أبو الحسن عليه السلام وإذا كانت التقية فلا تقنت وانا أتقلد هذا وفي الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن القنوت فقال فيما يجهر فيه بالقراءة قال قلت له إني سألت أباك عن ذلك فقال في الخمس كلها فقال رحم الله أبي أن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ثم أتوني شكاكا فأفتيهم بالتقية احتج أبو حنيفة بما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن القنوت في الفجر وعن ابن مسعود وأنس أن النبي صلى الله عليه وآله قنت شهرا