جاز حمله عن البلد إلى الأباعد لان يرفع كفايتهم صاروا أغنياء فحينئذ يقدم المستحق فيجوز المسافرة به ولا ضمان ومتى حضر الأصناف الثلاثة قال الشيخ لا ينبغي أن يخص به قوم دون قوم بل يفرق في جميعهم وهو حق وإن لم يحضر في البلد إلا فرقه منهم جاز أن يفرق فيهم ولا ينتظر غيرهم ولا يحمل إلى بلد آخر.
{البحث الرابع} في الأنفال، والكلام في مستحق الإمام عليه السلام في حالتي الظهور والغيبة الأنفال جمع نفل بسكون الفاء وفتحها وهي زيادة ومنه سميت النافلة لزيادتها على المطلوب طلبا مانعا من النقيض والمراد به هنا كلما يخض الامام فمنها كل أرض انجلى أهله فيها أو سلموها طوعا بغير قتال وكل أرض خربة باد أهلها إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد وكل خربة لم يجز عليها ملك أحد وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب والايجاف السير السريع لقوله تعالى: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) وما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول أن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة أو بطون فهذا كله من الفئ والأنفال لله وللرسول فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب وبطريق آخر عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول الفئ والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة ا لدماء وقوم صولحوا أو أعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة أو بطن واد فهو كله من الفئ فهذا لله ولرسوله فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء وهو للامام بعد الرسول صلى الله عليه وآله وأما قوله مما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب قال ألا ترى هو هذا وأما قوله ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فهذا بمنزلة المغنم كان أبي يقول ذلك وليس لنا فيه غير سهمين سهم الرسول صلى الله عليه وآله وسهم لذي القربى ثم نحن شركاء الناس فيما بقي وعن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الأنفال فقال ما كان من الأرضين باد أهلها. * مسألة:
ومن الأنفال رؤس الجبال والآجام والأرضون الموات التي لا أرباب لها لما رواه الشيخ في حماد بن عيسى قال رواه بعض أصحابنا عن العبد الصالح أبي الحسن الأول عليه السلام قال والأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صولحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على غير قتال وله رؤس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل أرض ميتة لا رب لها قال ابن إدريس المراد برؤس الجبال وبطون الأودية ما كان في ملكه عليه السلام والأرض المختصة به قائلا كان من ذلك في أرض المسلمين ويد مسلم عليه فلا يستحقه عليه السلام. * مسألة: ومن الأنفال المعادن قاله الشيخان هي للامام خاصة وابن إدريس منع الاطلاق في ذلك بل له من المعادن ما كان في الأرض المختصة به إماما كان في الأرض المشتركة بين المسلمين أو لمالك معروف فلا اختصاص له بها والوجه ما قاله ابن إدريس ولم نقف للشيخين على حجة في ذلك. * مسألة: ومن الأنفال صفايا الملوك وقطايعهم مملكان في أيديهم من غير جهة الغصب بمعنى إن كل أرض فتحت من أهل الحرب فما كان يختص بملكهم فهو للامام إذا لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد لان ذلك قد كان للنبي صلى الله عليه وآله وقد ثبت أن جميع ما كان للنبي صلى الله عليه وآله فهو للامام بعده ويؤيده ما رواه الشيخ عن داود بن فرقد قال قال أبو عبد الله عليه السلام قطائع الملوك كلها للامام ليس للناس فيها شئ وعن حماد بن عيسى قال رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن عليه السلام قال وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود وعن سماعة بن مهران قال سألته عن الأنفال فقال كل أرض خربة أو شئ عليه يكون للمملوك فهو خالص للامام وليس للناس فيها سهم. * مسألة: ومن الأنفال ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب مثل الفرس الجواد والثوب المرتفع والجارية الحسنى والسيف القاطع وما أشبه ذلك ما لو يجحف بالغانمين ذهب إليه علماؤنا أجمع روى الجمهور أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصطفي من الغنائم الجارية والفرس وما أشبههما في غزوة خيبر وغيرها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي الصباح قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المسجورون (المحسودون) الذين قال الله تعالى فيهم: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صفو المال قال للامام يأخذ الجارية الروقة والمركب الفارهة والسيف القاطع والدرع قبل أن يقسم الغنيمة هذا صفو المال ولان المقتضى في رسول الله صلى الله عليه وآله وهو تجمله الأنفال غيره واستناد الناس إليه في دفع ضروراتهم وبعث الجيوش وإقامة العساكر ومقاومة العدو موجود في حق الامام فيكون الحكم ثابتا خلافا للجمهور وحيث قالوا أنه يبطل بموت النبي صلى الله عليه وآله. * مسألة: ومن الأنفال ميراث من لا وارث له ذهب علمائنا أجمع إلى أنه يكون للامام خاصة ينقل إلى بيت ماله وخالف فيه الجمهور أنه للمسلمين أجمع فعند الشافعي بالتعصيب عند أبي حنيفة بالموالاة وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى في باب المواريث روى الشيخ عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى وقال هو من أهل هذه الآية: (يسألونك عن الأنفال) وفي رواية حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح عليه السلام وهو وارث من لا وارث له وسيأتي تمام الدلالات إن شاء الله ولا فرق بين المسلم والذمي إذا مات ولم يخلف وارثا فإنه يكون للامام. * مسألة: وإذا قاتل قوم من غير إذن الإمام ففتحوا كانت الغنيمة للامام ذهب إليه الشيخان والسيد المرتضى رحمه الله وأتباعهم وقال الشافعي حكمها حكم الغنيمة مع إذن الإمام