يا موسى أكرم السائل ببذل يسير وبرد جميل لأنه آتيك من ليس بأنس ولا جان بل ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك ويسألونك عما تولتك فانظر كيف أنت صانع يا بن عمران. فصل: ويكره السؤال لان الله تعالى قرن الرزق بالسعي لقوله تعالى: (فاسعوا في مناكبها وكلوا من رزقه) وفي السؤال مذلة عظيمة ومنع عن السعي لنوع الانسان ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ابتغوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه قال من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر وعن الصادق عليه السلام إياكم وسؤال الناس فإنه ذل في الدنيا وفقر تستعجلونه وحساب طويل يوم القيامة وروى ابن بابويه قال جاءت فقر من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلموا عليه فرد عليهم السلام فقالوا يا رسول الله لنا إليك حاجة قال هاتوا حاجتكم قالوا إنها حاجة عظيمة قال هاتوها ما هي قالوا تضمن لنا على ربك الجنة قال فنكس رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه ثم نكس في الأرض ثم رفع رأسه فقال افعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان ناولنيه فرارا من المسألة فينزل فيأخذه ويكون على المائدة ويكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه فلا يقول ناولني حتى يقوم فيشرب وقال عليه السلام استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك. فصل:
ويتأكد كراهية السؤال من غير حاجة لما فيه من المذلة بغير ضرورة ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن علي بن الحسين عليهما السلام قال ضمت على ربي أنه لا يسأل أحدا من غير حاجة إلا اضطر له المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة وقال الصادق عليه السلام ما من عبد يسأل من غير حاجة فموت حتى يحوجه الله عز وجل إليها ويثبت الله بها النار. فصل: والمن يبطل ثواب الصدقة لما يشتمل عليه من كسر قلب المؤمن قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) وروى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنه قال المن يهدم الصدقة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله أن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال وكرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي العبث في الصلاة، والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، واتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور. فصل: ولا بأس بطلب الدعاء منهم فربما كان فيهم مستجاب الدعاء روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا أعطيتموهم فلقنوهم الدعاء فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم وقال عليه السلام يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده ويأمر السائل أن يدعو له.
فصل: ويستحب الصدقة مطلقا إن كان السائل غير معلوم الحال لأنه من المعروف روى الشيخ عن سدير الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أطعم سائلا ولا أعرفه مسلما فقال نعم اعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحق ان الله عز وجل يقول وقولوا للناس حسنا) ولا تطعم من نصب بشئ من الحق ودعى إلى شئ من الباطل وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن السائل ولا يدري ما هو فقال اعط من وقعت في قلبك له الرحمة وقال اعط دون الدرهم قلت أكثر ما يعطى قال أربعة دوانيق. فصل: والصدقة على بني هاشم خصوصا العلويون لشرفهم على غيرهم روى الشيخ عن عيسى بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صنع إلى أحد من أهل بيتي بر أكافيه يوم القيمة وعن إبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أنا شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب الدنيا رجل يعز ذريتي، ورجل يبذل ماله لذريتي عند الضيق، ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا وشردوا وروى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد أيها الخلائق انصتوا فإن محمدا يكلمكم فينصت الخلائق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافيه، فيقولون بآبائنا وأمهاتنا وأي منة وأي معروف لنا بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول: بلى من أوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عري أو شبع جائعهم فليقم حتى أكافيهم فيقوم أناس قد فعلوا ذلك فيأتي النداء من عند الله يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافاتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئتم قال فاسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم. فصل: ويحرم على المعطي كفران النعمة وينبغي الشكر على النعم فإن شكر المنعم واجب عقلا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من أتى إليه المعروف فليكاف به وإن عجز فليثن فإن له يفعل فقد كفر النعمة وقال الصادق عليه السلام لعن الله قاتل سبل المعروف فقيل وما قاتل سبل المعروف قال الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره.
[المقصد السادس] في الخمس ومباحثه أربعة {الأول}، فيما يجب فيه وهو أصناف الأول: الغنائم التي توجد من دار الحرب ما يحويه العسكر وما لم يحوه أمكن نقله كالثياب والأموال والأناسي والدواب وغير ذلك ولا يمكن كالأرضين والعقارات وغير ذلك مما يصح تملكه بشرط أن يكون مما يصح تملكه وأن يكون مباحا في أيديهم لا غصبا من مسلم أو معاهد قليلا كان أو كثيرا أو هذه الغنائم لم تكن محللة لاحد من الأنبياء عليهم السلام وإنما حلت لرسول الله صلى الله عليه وآله أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبل وذكر فيها وأحلت لي الغنائم وكانت في بدو الاسلام لرسول الله صلى الله عليه وآله يصنع بها ما شاء ثم نسخ ذلك فصار الأربعة الأخماس للمجاهدين والخمس الباقي للأصناف المستحقين للخمس وسيأتي بيان ذلك كله إن شاء الله. الثاني: المعادن وهي جمع معدن واشتقاقه من عدن بالمكان يعدن إذا نام به ومنه سميت جنة عدن لأنها دار إقامة وخلود وهو كلما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة إذا ثبت هذا فنقول لا خلاف في اخراج شئ من المعادن ويدل عليه النص والاجماع قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) وما رواه الجمهور