وبالبيع والهبة والأكل وغير ذلك لان فائدة الضمان جواز التصرف وإن اختاروا الأمانة لم يكن لهم التصرف بالأكل والبيع والهبة لان حق المساكين ثابت فيها ولا يجوز للشريك التصرف من دون شريكه. [السادس] ينبغي للخارص أن يخفف عن المالك ولا يجحف ولا يستقصي به بل يقدر ما يكون المالك به مستظهرا وما يجعل للمسار وما يتساقط فيأكله الهوام وما ينتابه الطير وقال أحمد بن حنبل بترك الثلاث وليس بالمعتمد لها على التخفيف ما رواه مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا بعث الخراص قال خففوا على الناس فإن مال القربة والواطية والآكلة والواطية السايلة سموا بذلك لوطيهم بلاد الثمار مجتازين والأكل أرباب الثمار وأهلهم ولان استيفاء الكل في الخرص إضرار بالمالك لما يفتقر الثمار ومن النقص واحتج أحمد بما رواه سهل بن أبي حتمة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا خرصتم فدعوا الثلث فالربع والجواب: يحتمل الامر بانزاع الثلث لتفرقه المالك بنفسه في أهله وجبرانه لنا: في ترك الثلث من الاضرار بالفقراء وهو منفي بالأصل إذا ثبت هذا فإن النظر إلى الخارص في تقدير المتروك باعتبار كثرة يده وقلتهم أما التعدية بالثلث والربع فلا. [السابع] الخرص مع التضمين ولا يعتد الضمان لأنهما في يده أمانة كالوديعة ويقول الساعي لا يصير مضمونة وإن اختار المالك الضمان كالوديعة لا يضمن بالشرط وفائدة الخرص أن المالك إذا تصرف في الثمرة بمنع أو أكل أو غير ذلك ولم يعلم قدر ما تصرف فيه وجب عليه اخراج الزكاة بحكم الخرص. [الثامن] إذا بلغت الثمرة بغير تفريط من المالك كالآفات السماوية والأرضية سقطت الحصة المضمونة بالخرص ولو بلغت البعض سقط من الواجب بقدره وبه قال الشافعي وأحمد وقال مالك يضمن ما قال الخارص. لنا: ما تقدم من كون الزكاة أمانة فلا يضمن بالشرط كالوديعة أحتج مالك بأن الحكم انتقل إلى ما قال الساعي والجواب المنع. [التاسع] إذا اختار المالك الحفظ ثم أتلف الثمرة وبلغت بتفريطه ضمن حصة الفقراء بالخرص ولو أتلفها أجنبي ضمن المتلف بالعجمة فكذا قاله فبعض الجمهور وليس عندي بالوجه والأقرب التسوية لأنا قد بينا أن الخرص يسار إليه مع جهالة بالمتناول أما مع العلم به فلا احتج بأن المالك يجب عليه تخفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي فصار كمن أتلف أضحية يجب عليه أضحية ولو أتلفها أجنبي وجب عليه القيمة والجواب: أن ذلك غير مؤثر في الفرق. [العاشر] لو أدعى المالك التلف أو أتلف البعض بعد الخرص فإن كان بسبب ظاهر كالبرد ووقوع الجراد قال بعض الجمهور يجب عليه إقامة البينة وليس عندي بالوجه لأنه أمين فلا يكلف البينة على التلف فإنه أتهم الساعي في ذلك قال الشيخ حلفوا وعندي فيه إشكال إذ لا يمكن في الصدقة فإذا أوجبنا التمر أخذت منه الزكاة مع الامتناع وإن قلنا بالاستحباب التمر لم يجب عليه شئ بالامتناع أما لو ادعى التلف شئ خفي فالقول قوله إجماعا وهل يحلف وجوبا أو استحبابا أولا يحلف على ما تقدم إذا ثبت هذا فما زادت تلف البعض سقط من الواجب بحسابه وأخذ من الباقي بقدر نصيبه ولو قال أكملت البعض وبلغت البعض وبقي البعض الآخر ضمها المأكول إلى الباقي وسقط النصب من التالف. [الحادي عشر] لو أدعى المالك غلط الخارص بأن ادعى بالمحتمل قبل قوله وهل يحلف أم لا؟ فيه التردد فإن حلف مع القول به صدق وإن نكل فإن قلنا اليمين واجبة سقطت دعواه وإن قلنا بالاستحباب فلا وإن أدعى غير المحتمل مثلا أدعى الغلط بالنصف والثلث لم يسمع دعواه لتحقق الكذب أما لو قال أخذت كذا وبقي كذا ولا أعلم شيئا سوى ذلك قبل قوله وإن كان ذلك مما لا يقع غلطا في الخرص بعدم إسناد النقصان هنا إلى غلط الخارص فيجوز أن يذهب بسب. [الثاني عشر] لو زاد الخرص فهو للمالك ويستحب للمالك بذل الزيادة قاله ابن الجنيد ولو نقص فعليه وفيه إشكال من حيث أن الحصة أمانة فلا يستقر ضمانها كالوديعة. [الثالث عشر] لو اختار المالك الحفظ أو الضمان ولم يتصرف وحفظها إلى وقت الاخراج وجب عليه زكاة الموجود خاصة زاد الخرص أو نقص وبه قال الشافعي وقال مالك لزمه ما قال الخارص وعن أحمد روايتان.
لنا: أنها أمانة فلا يضمن بالشرط. [الرابع عشر] لو لم يخرج الامام خارصا جاز للمالك اخراج خارص وأن يخرص بنفسه ويحتاط في التقدير والخرص لأنا قد بينا أن فائدة الخرص بالتوسعة للمالك في أخذ شئ من الثمار والبناء عليه عند عدم العلم بالمقدار لا أنه عليه في التضمين.
[الخامس عشر] لو أدعى المالك السرقة بعد وضعها في التبادر فإن كان بعد إمكان الأداء إلى المستحقين أو إلى الساعي ضمن إجماعا وإن كان قبله فالقول قوله لأنه أمين وفي توجيه اليمين إشكال. [السادس عشر] لو اقتضت المصلحة تخفيف الثمرة بعد بدو صلاحها بأن يصيب الأصول عطس وترك الثمرة بأجمعها مما يضر بالنخلة وشر ما حملها (خففت) قولا واحدا لان الزكاة تجب مواساة فلا تكليف المالك ما هلك أصل مما له ولان التخفيف فيه إصلاح المالك بحفظ نخله وإصلاح حال الفقراء بتكرار الزكاة كل سنة موفرة فصاروا بمنزلة الشركاء. [السابع عشر] لو لم يكن التخفيف واحتاج إلى القطع قطت مراعاة المصلحة فإذا قطعها تخير الساعي بين القسمة مع المالك على النخل أو على الأرض وبين بيع نصيب المساكين من المالك وغيره ويجوز للمالك تقويم نصيب الفقراء من غير اختيار الساعي لان القيم مجزية عندنا. [الثامن عشر] يجوز للمالك قطع الثمرة وإن لم يتأذن الخارص سواء ضمن أو لم يضمن ومنع الشيخ في المبسوط ذلك إلا مع ضمان الخرص. لنا: أنه مؤتمن عن الحفظ فله التصرف بما يراه من المصالح احتج بأنه تصرف في مال الغير فيقف على الاذن والجواب المشترط المصلحة. [التاسع عشر] الأقرب اختصاص الخرص بالنخل والكرم وبه قال مالك وأحمد واختاره ابن الجنيد لأنه نوع يخمر و (صرد) ولا يثبت إلا في الموضع المنصوص عليه والتشبيه بالنخل والكرم قياس فاسد مع وقوع الفرق وهو من وجهين أحدهما أن الزرع قد يخفى خرصه لاستتاره بمعصيته وتبدده وعدم اجتماعه وقلة التطلع على مقدار كل سنبلة منه بخلاف النخل فإن ثمرته طاهرة مجتمعة يمكن