متمكن من استعلام القبلة بالاستخبار من أهل البلد ونصب محاريبهم فلا يكون له أن يجتهد اجتهادا يفيد الظن وكذا الأعمى وأما المحبوس فإنه ينزل منزلة المسافر في أن له أن يجتهد في تحصيل القبلة ولا يجوز أن يتبع دلالة المشرك لأنه ركون إليه وقد نهى الله تعالى عنه في قوله: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا). فروع: [الأول] لا يقبل قول الفاسق لأنه ظالم. [الثاني] لو أفاد قول الكافر أو الفاسق الظن للمتحير نفي المصير إلى قولهما نظر أقربه اتباع ظنه وكذا لو وجد قبلة للمشركين كالنصارى إذا وجد في كناستهم محاريب إلى المشرق هل يستدل به على المشرق فيه التوقف أما لو وجد محرابا لا يعلم هل هو للمسلمين أو للكفار لم يعول عليه واجتهد لنفسه. [الثالث] لو أخبره مسلم لا يعلم عدالته وجرحه ولم يتمكن من الاجتهاد فالأقرب قبوله لأنه اخبار مسلم أصله العدالة ولا غرض في الكذب فيوجب الظن. [الرابع] يقبل خبر كل مسلم بالغ عاقل سواء كان رجلا أو امرأة لأنه خبر من أخبار الدين فأشبه الرواية ويقبل من الواحد لما قلناه. [الخامس] لا يقبل خبر الصبي لتطرق التهمة إليه ولأنه غير مقبول الشهادة والرواية وما نحن فيه لا يخلو عنهما ولأنه إن لم يكن مميزا فلا وثوق بخبره وإن كان مميزا عرف أنه لا أثم عليه في الكذب فاستوى الكذب عنه والصدق فلا وثوق بقوله أيضا. [السادس] ولو لم يعلم حال المخبر وشك في إسلامه وكفره لم يقبل قوله إلا إذا أفاد الظن بخلاف ما إذا لم يعلم عدالة المسلم وفسقه لان حالة المسلم يبني على العدالة. * مسألة: لو استقبل ببعضه الكعبة وخرج الباقي من بدنه عن المحاذاة لم يصح صلاته لأنه مأمور بالاستقبال والإشارة ليست متوجهة إلى بعضه. * مسألة: وللمصلي في السفينة يستقبل القبلة ما أمكنه فإن لم يتمكن استقبل بتكبيرة الافتتاح القبلة ثم استقبله صدر السفينة وسيأتي تمام البحث إن شاء الله تعالى. * مسألة: ولو اشتبهت عليه القبلة وبحضرته من يسأله ولم يسأله ولم يتمكن من الأربع فتحرى جهة وصلى إليها ثم ظهر له الصواب فالأقرب الاجزاء ولو لم يصب فالأقرب عدمه لان الواجب السؤال ولو سألهم فلم يجزوه يتحرى وصلى ثم ظهر الصواب أجزأه قطعا ولو تبين الخطأ أعاد في الوقت إن كان مستدبرا أو مشرقا أو مغربا وإلا فلا.
[الفصل الثالث] في اللباس وفيه مباحث الأول، فيما يحرم الصلاة فيه، * مسألة:
لا يجوز الصلاة في جلد الميتة ذهب إليه علماؤنا أجمع وكل من قال بنجاسته وقد تقدم البحث فيه. لنا: انه نجس وطهارة الثوب شرط في الصلاة وقد مضى بيان ذلك كله وما رواه الجمهور عن عبد الله بن الحكيم أن النبي صلى الله عليه وآله كتب إلى جهينة أني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا أتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب قال أحمد: وهو إسناد جيد وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تنتفعوا من الميتة بشئ وهو عام ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (ع) في الميتة قال: لا تصل في شئ منه ولا في شسع وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ فقال: لا، ولو دبغ سبعين مرة وفي الصحيح عن علي بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك الميتة ينتفع بشئ منها قال: لا، قلت بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله مر بشاة ميتة فقال ما كان على أهل هذه الشاة إذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها فقال: تلك شاة لسودة بنت زمعة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا باهابها إن تذكا. فروع:
[الأول] لا فرق في التحريم بين المدبوغ وغيره لأنا قد بينا فيما مضى أن الدباغ لا يطهر الميتة وهو مذهب علمائنا أجمع وما رواه الجمهور في حديث جابر و عبد الله بن حكيم ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم عن الصادق (ع) وما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في الفراء فقال: كان علي بن الحسين (ع) رجلا صردا مبردا فلا بد فيه فرو الحجاز لان دباغها بالقرض فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه فكان يسأل عن ذلك فيقول ان أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة ويزعمون ان دباغه ذكوته. [الثاني] لا فرق في الصلاة كلها فرضها ونفلها في ذلك ولا نعرف فيه خلافا. [الثالث] يكتفي في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم أو في سوق المسلمين أو في بلد الغالب فيه الاسلام وعدم العلم بالمعرب لان الأصل في المسلم العدالة وهي يمنع من الاقدام على المحرمات ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن العبد الصالح (ع) أنه قال: لا بأس بالصلاة في الفرو اليماني وفيما صنع في أرض الاسلام، قلت فإن كان فيها غير أهل الاسلام قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي بصير قال سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فرو لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أتصلي فيها فقال: نعم، ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر (ع) كان يقول إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك وعن علي بن أبي حمزة أن رجلا سأل أبا عبد الله (ع) وأنا عنده عن الرجل يتقلد السيف ويصلي فيه قال: نعم، فقال الرجل ان فيه الكيمخت، فقال: وما الكيمخت قال: جلود دواب منه ما يكون ذكيا ومنه ما يكون ميتة، فقال: ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه وهو يدل مفهومه جواز الصلاة فيما لا يعلم أنه ميتة. [الرابع] تذكية الكفار بمنزلة الموت فلا تصح الصلاة في جلود ما ذكاه. [الخامس] لا يكتفى بعدم العلم بالموت خاصة فلو وجد جلدا مطروحا لا يعلم أذكي هو أم ميت لم يصل فيه لان الأصل عدم التذكية ولان طهارة الثوب شرط ولا يكتفي بعدم العلم بانتفائه كغيره من الشروط. [السادس] التحريم كما يتناول الثوب فكذا يتناول غيره فلا تصح الصلاة ومع المصلي سيف تقليده من الميت وشبهه لأنه نجس فلا يجوز استصحابه في الصلاة