قال طمث يخرجن من الإحليل وهن المني فمنه الغسل والوذي فمنه الوضوء لأنه يخرج من دريرة البول قال والمذي ليس فيه وضوء إنما هو بمنزلة ما يخرج من الانف فهذا يدل على وجوب الوضوء من الوذي لأنا نقول يحمل على ما إذا لم يكن استبرأ من البول فإنه لا ينفك عن ممازجة أجزاء من البول ويدل عليه التعليل الذي ذكره (عليه السلام) لا يقال روى الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) الرجل يمذي وهو في الصلاة من شهوة ومن غير شهوة قال المذي منه الوضوء فهذا يدل على إيجاب الوضوء من المذي مطلقا ولا يمكن تأويله بما ذكرتم أولا لأنا نقول المراد ومنه التعجب جمعا بين الأدلة هذا تأويل الشيخ في التهذيب ويمكن حمله على الاستحباب أيضا. مسألة: قال علماؤنا النوم الغالب على السمع والبصر ناقض للوضوء سواء كان قاعدا أو قائما أو راكعا أو ساجدا في حال الصلاة أو غيرها وهو مذهب المزني وإسحاق وأبي عبيد وقال ابن بابويه من أصحابنا الرجل يرقد قاعدا أنه لا وضوء عليه ما لم ينفرج وقال الشافعي إذا نام قاعدا متمكنا مقعدته من الأرض لم ينقض وحكي عن أبي موسى الأشعري وأبي محايد وحميد الأعرج أنهم قالوا النوم لا ينقض الوضوء على سائر الأحوال ونقله ابن الصباغ في الشامل عن الامامية وهو غلط في النقل وقال أبو حنيفة:
لو نام في الصلاة قائما أو قاعدا أو راكعا أو ساجدا عليه النوم أو تعمد وعلى كل حال لم ينقض وضوء وكذا لو نام خارج الصلاة قائما أو قاعدا متمكنا أو راكعا أو ساجدا أما لو نام متوركا ومضطجعا انتقض وضوئه وبه قال داود. وقال مالك: النوم قاعدا إذا طال حدث وقال أحمد بن حنبل:
نوم المضطجع ينقض كثيره وقليله ونوم القاعد إن كان كثيرا نقض وإلا فلا ونوم القائم والراكع والساجد فيه روايتان أحدهما: ينقض. والآخري:
لا ينقض. لنا: النص والمعقول أما النص فقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) نقل المفسرون أجمع أن المراد بها إذا قمتم من النوم وهذا يقتضي الوجوب على الاطلاق وأيضا روى الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قال العين وكاء السنة فمن نام فليتوضأ وفي حديث آخر العينان وكاء السنة فإذا نامت العينان استطلق الوكاء وروى صفوان المرادي أن النبي صلى الله عليه وآله أمرنا بأن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها إذا كنا سفرا لا من جنابة ولكن من غائط أو بول أو نوم عطف مطلق النوم على البول والغائط حدث فكان المطلق حدثا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أحدهما (عليه السلام) قال: لا ينقض الوضوء إلا ما يخرج من طرفيك أو النوم وما رواه في الحسن عن عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش على أي الحالات فعليه الوضوء وروي في الصحيح عن محمد بن عبد الله و عبد الله بن المغيرة قال سألنا الرضا (عليه السلام) عن الرجل ينام على دابته فقال إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء وروي في الصحيح عن إسحاق ابن عبد الله الأشعري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينقض الوضوء إلا حدث والنوم حدث وقد ذكرنا في كتاب استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار وجه الاستدلال من هذا الحديث وما فيه من المباحث اللطيفة ومع ذلك قال صلى الله عليه وآله نخلي هذا الكتاب عن بعضها فنقول في الظاهر أن هذا الحديث يدل على أن النوم ناقض وإذا اعتبر بنوع من الاعتبار ورد عليه الاشكال من حيث خروجه من شرائط القياس فنقول وجه الاستدلال منه أن كل واحد من أنواع الحدث اشترك مع غيره منها في معنى الحدثية وامتاز عنه بخصوصيته وما به الاشتراك غير ما به الامتياز وغير داخل فيه فماهية الحدث من حيث هي مغايرة لتلك الخصوصيات والإمام (ع) حكم بإسناد النقص إلى الحدث الذي هو المشترك فلا يكون لقيد الخصوصيات مدخل في ذلك التأثير وحكم بأن تلك الماهية التي هي علة موجودة في النوم والعقل قاض بأن المعلول لا يتخلف عن علته فلا جرم كان النوم ناقضا لا يقال يعارض ما ذكرتم من الأثر بما رواه الشيخ عن عمران بن حمران أنه سمع عبدا صالحا يقول من نام وهو جالس لا يتعمد النوم فلا وضوء عليه وما رواه عن بكر بن أبي بكر الحضرمي قال سألت أبا عبد الله (عليه ا لسلام) ينام الرجل وهو جالس؟ فقال: كان أبي يقول إذا نام الرجل وهو جالس يجتمع فليس عليه وضوء وإن نام مضطجعا فعليه الوضوء لأنا نقول نمنع أولا صحة سند الحديث فإن عمران بن حمران لا نعرف حاله وبكر بن أبي بكر كذلك، وثانيا: يحمل ذلك على ما إذا لم يغلب النوم على العقل لما رواه في الصحيح عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يخفق وهو في الصلاة فقال: إن كان لا يحفظ حدثا منه إن كان فعليه الوضوء وإعادة الصلاة وإن كان يستيقن أنه لم يحدث فليس عليه وضوء ولا إعادة وروي في الصحيح عن زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخفقة والخفقتين به فقال ما أدري ما الخفقة والخفقتين إن الله يقول: (بل الانسان على نفسه بصيرة) إن عليا كان يقول من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء وروى في الصحيح عن زرارة قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال: يا زرارة قد ينام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء، قلت فإن حرك إلى جنبه بشئ ولم يعلم به؟ قال: لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر يقين وإلا فإنه على يقين من وضوء لا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر. وأما المعقول فهو أن النوم سبب لخروج الحدث بواسطة ذهاب وكاء السنة فصار كالنوم متوركا ومضطجعا وأيضا النوم غالب على العقل ومزيل للتميز فاشتبه الاغماء ولما كان المقيس عليه ناقضا على كل حال فكذا المقيس احتج أبو حنيفة بما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإذا اضطجع استرخت مفاصله وما رواه عن ابن عباس أيضا قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله نام وهو ساجد حتى خطه عط ونفخ؟ ونهج ثم قام فصلى فقلت يا رسول الله صليت وأتوضأ وقد نمت فقال: إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله وما رواه حذيفة بن اليماني قال