أن نبين جواز استعماله فيما ذكرنا ويدل عليه الموضع اللغوي وهو ما أمر والاستعمال الشرعي وهو ما رواه معاذ أن قوما سمعوا أن النبي يقول الوصف مما مست النار. [الرابع] المنع من انصراف التعليل إلى إيجاب الوضوء لأنه ينصرف إلى ما قصد بيانه مما وقع الاشكال فيه والاشكال نشأ للمرأة من اشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة لقولها أخشى أن لا يكون لي حظ في الاسلام وذلك لا يوجب اعتقاد انتفاء وجوب الطهارة فإن الحيض يوجب أعلا الطهارتين فيجب صرفه إلى عين الغسل والاطلاق في الصلاة ويدل على صرفه إليه وإن لم يكن مذكور أو الإشارة بقوله إنما ذلك دم عرق إلى كونه بحال لا يمكنها الاحتراز عنه وذلك يناسب حكما يشعر بالتحقيق وهو الاكتفاء بالوضوء عن الغسل الثاني لو اتفقا لمخرج في غير المعتاد خلقه أنقضت الطهارة بخروج الحدث منه إجماعا لأنه مما أنعم به وكذا لو انسد المعتاد وانفتح غيره أما لو انفتح مخرج آخر والمعتاد على حاله فإن صار معتادا فالأقرب مساواته له في الحكم وإن كان نادرا فالوجه أنه لا ينقض ولو خرج الريح من الذكر لم ينقض لأنه غير معتاد ولان ما خرج منه لا يسمى ضرطة ولا فسوة ولأنه لا منفذ له إلى الجوف أما المرأة فالأقرب أن ما يخرج من قبلها من الريح كذلك وإن كان لها منفذ إلى الجوف بناء على المعتاد أما ما يخرج من الفم كالجشأ فلا ينقض إجماعا ولو خرج البول من الأقلف حتى صار في قلفته نقض الثالث ما يخرج من السبيلين غير البول والغائط والريح والمني والدماء الثلاثة لا ينقض الطهارة سواء كان طاهرا كالدود أو نجسا كالدم وهكذا لو استدخل دواء كالحقنة وغيرها إلا أن يستصحب شيئا من النواقض فيكون الحكم له ووافق مالك أصحابنا في الدود والحصا والدم وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور أن جميع ذلك ناقض. لنا: ما ذكرنا في الروايات وأيضا ما رواه الشيخ عن محمد بن يعقوب عن الفضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يخرج منه مثل حب القرع قال: ليس عليه وضوء قال محمد بن يعقوب وروي إذا كان متلطخا بالعذرة أعاد الوضوء وروى عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سأل عن الرجل يكون في الصلاة فيخرج منه مثل القرع فكيف يصنع فقال إن كان خرج نظيفا من القذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوئه وإن خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء وإن كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة وروى حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يسقط منه الدواب وهو في الصلاة قال يمضي في صلاته ولا ينقض ذلك وضوءه وروى عبد الله بن أبي زيد عن أبي عبد الله (ع) قال: ليس في حب القرع والديدان الصغار وضوء ما هو إلا بمنزلة القمل وروى محمد بن يعقوب في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موس (عليه السلام) قال سألته عن الرجل هل يصلح له أن يستدخل الدواء ثم يصلي وهو معه انتقض الوضوء قال لا ينقض الوضوء ولا يصلي حتى يطرحه ولان الأصل الطهارة فيستصحب ما لم يثبت الناقض ولان النقض حكم شرعي فيقف على الشرع ولأنه لو نقض الخارج من السبيلين لنقض الخارج من غيرهما وبالاتفاق التالي باطل في الطاهر فالمقدم مثله الرابع المذي والوذي وقد اتفق علماؤنا على أنهما غير ناقضين وأنهما طاهران وخالف جميع الجمهور في ذلك. لنا: ما تقدم من الروايات الدالة على انحصار الناقض فيما ذكرناه وأيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال: إن سال من ذكرك شئ من مذي لا تغسله ولا تقطع له الصلاة ولا تنقض له الوضوء إنما ذلك بمنزلة النخامة كل شئ خرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل وفي رواية حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله (ع) قال: الوذي لا ينقض الوضوء إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق وأيضا روى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال: ليس في المذي من الشهوة ولا من الانعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد وروي في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن المذي فقال: إن عليا كان رجلا مذاء استحيا أن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمكان فاطمة فأمر المقداد ان يسأله وهو جالس فسأله فقال له النبي: ليس بشئ وروى عمرو بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المذي فقال: ما هو عندي إلا كالنخامة وفي طريقها ابن فضال وروي عيينة قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول كان علي (ع) لا يرى في المذي وضوء ولا غسل ما أصاب الثوب منه لا في الماء والأكبر؟ وفي طريقها معلى بن محمد وهو مضطرب الحديث والمذهب فالتعويل على الروايات الصحيحة ولان الأصل الطهارة لا يقال روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت الرضا (ع) عن المذي فأمرني بالوضوء منه ثم أعدت عليه في سنة أخرى فأمرني بالوضوء وقال إن علي بن أبي طالب (ع) أمر المقداد بن الأسود أن يسأل النبي صلى الله عليه وآله واستحيا أن يسأله فقال فيه الوضوء لأنا نقول قال الشيخ وهذا خبر شاذ فيحمل على الاستحباب لما روى الحسين بن سعيد في الصحيح عن محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن المذي فأمرني بالوضوء منه ثم أعدت عليه سنة أخرى فأمرني بالوضوء منه وقال إن عليا (ع) أمر المقداد أن يسأله رسول الله صلى الله عليه وآله فاستحيا أن يسأله فقال فيه الوضوء قلت فإن لم أتوضأ قال: لا بأس ولا شك أن الراوي إذا روى الحديث تارة مع زيادة وتارة بدونها عمل على تلك الزيادة إذا لم يكن مغيرة ويكون بمنزلة الروايتين لا يقال الزيادة هنا مغيرة لأنها تدل على الاستحباب مع أن الخبر الأول الخالي عنها يدل على الوجوب لأنا نقول هذا ليس بتغير بل هو تفسير لما دل عليه لفظ الامر الأول لأنه لو كان مغيرا لكان الخبر المشتمل على الزيادة متناقضا وليس كذلك اتفاقا ويحمل أيضا على المذي الذي يقاربه الشهوة ويكون كثيرا ويخرج عن المعتاد لكثرته ويدل عليه ما رواه علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن قال سألته عن المذي انتقض الوضوء قال: إن كان بشهوة نقض أقول: ويحمل المذي ها هنا على المني من توابعه واطلاق الاسم (اسم) الملزوم على اللازم كثير لا يقال روى الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع)
(٣٢)