مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وقال الشافعي وأبو يوسف وأحمد إنه نجس لأنه يعيش في البر فأشبه حيوان البر والجواب المقتضي للنجاسة سيلان النفس. [الثاني] الحيوان المتولد من الأجسام الطاهرة طاهر كالفأرة ودود الخل وشبهه والمتولد من النجاسات كدود العذرة كذلك لأنه غير ذي نفس سائلة فيدخل تحت العموم الدال على طهارة ما مات فيه حيوان غير ذي نفس وقال أحمد إن المتولد من الأعيان العينية (النجسة) نجس حيا وميتا لأنها كائنة عن النجاسة فيكون نجسة كولد الكب والخنزير والجواب المقدمتان ممنوعتان فإن المعلوم تولده في النجاسة أما منها فلا ولو سلم منع من نجاسة المتولد من النجس وولد الكلب ليس نجسا باعتبار تولده عن الكلب بل باعتبار اسم الكلب عليه بخلاف دود العذرة ويحرم أكله عند علمائنا أجمع سواء انفصل عن الطعام أو اتصل به وهو أحد قولي الشافعي لاستقراره احتج حالة الاتصال بغير الإزالة وحالة الانفصال بالطهارة وهما غير دالين على المطلوب. [الثالث] ولا خلاف عندنا في أن الآدمي ينجس بالموت لان له نفس سائلة وهو مذهب أبي حنيفة خلافا للشافعي على أحد القولين ولأحمد في إحدى الروايتين.
لنا: أنه ذو نفس سائلة فيدخل تحت قوله لا يغسل الماء إلا ما كانت له نفس سائلة ولان شخصا وقع في بئر زمزم في عهد عبد الله بن عباس وابن الزبير فأمرا بنزح الماء فلم يمكنهم ذلك وكان لها عين ينبع في أسفلها كأنها علف ضرور فأمر بسدها بالأنطاع فلم يقدروا عليه فأمرا بنزح البعض وحكما بطهارة الباقي احتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: المؤمن لا ينجس والجواب أن المؤمن إنما يتناول حقيقة الحي أما الميت فإنما يطلق عليه بالمجاز ويطهر بالغسل إن كان مسلما أما الكافر فلا. [الرابع] الصيد المحلل إذا وقع بالماء القليل مجروحا فمات فيه فإن كان الجرح قاتلا فهو حلال والماء طاهر وإلا فلا فيهما سواء أشتبه أو علم استناد الموت إلى الماء قيل إنه مع اشتباه موته بالماء وعدمه أن يكون الأصل طهارة الماء وحرمة الحيوان فيحكم بطهارة الماء وتحريم الحيوان عملا بالأصل وما اخترناه نجس في بعض كتبنا وليس بجيد لان العمل بالأصلين إنما يصح مع الامكان وهنا منتف فإنه كما يستحيل اجتماع الشئ مع نقيضه كذا يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه وموت الحيوان يستلزم نجاسة الماء فلا يحتاج الحكم بطهارته كما لا يجامع تذكيته. [الخامس] لو لاقى الحيوان الميت وغيره من النجاسات ما زاد على الكر من الماء الجامد الأقرب عدم التنجيس ما لم يغيره. لنا: قوله (ع) إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ وبالتجميد لم يخرج عن حقيقته بل ذلك مما يوكل موت مقتضي حقيقته فإن الآثار الصادرة عن الحقيقة كلما قربت كان آكد في ثبوتها والبرودة من معلولات طبيعة الماء وهي يقتضي الجمود أما لو كان ناقصا عن الكر هل يكون حكمه حكم الجامدات بحيث يلقى النجاسة وما يكفها أمر يدخل تحت عموم التنجيس للقريب الأقرب الأول لأنه بجموده يمنع من شياع النجاسة فلا يتعدى موضع الملاقاة بخلاف الماء القليل الذي يسري النجاسة إلى جميع أجوائه. مسألة: هل يجوز الطهارة بالثلج الحق جوازه بشرط أن يكون ما يتحلل منه جاريا على العضو بحيث يسمى غاسلا والشيخ اقتصر في الخلاف على الدهن فإن كان المقصود الغسل الخفيف بحيث ينتقل جزء من الماء على جزئين من البدن فهو صحيح. لنا: ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يجنب في السفر لا يجد إلا الثلج قال: يغتسل بالثلج أو ماء النهر وروى معاوية بن شريح قال سأل رجل أبا عبد الله (ع) وأنا عنده قال يصيبنا الرمق والثلج ويريد أن يتوضأ فلا نجد إلا ماء جامدا فكيف أتوضأ أدلك به جلدي؟ قال: نعم ومعاوية لا أعرفه وفي طريق هذه الرواية عثمان بن عيسى وهو واقفي فالتعويل على الأولى وما رواه الشيخ في الحسن عن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل التيمم أم يمسح بالثلج وجهه قال: الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل فإن لم يقدر على أن يغتسل به فليتمم أمره بالتيمم مع عدم القدرة فينتفي عند وجودها ضرورة كونه شرطا ولأنه فعل حقيقة الغسل فيكون متمثلا بالأمر بالاغتسال لا يقال قدر روى محمد بن يعقوب في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن رجل أجنب ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا فقال: هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه فيقول لو جاز الاغتسال به لما جاز التيمم ولا حكم (ع) بكونه بمنزلة الضرورة ولا نهاه عن العود إلى هذه الأرض ولا حكم بأنها موبقة لدينه والتوالي كلها باطلة وقد روى الشيخ أيضا هذه الرواية ولأنه لو جاز الاغتسال بالثلج أو الوضوء لما خصص الامامان (عليهم السلام) في الحديثين استدللتم بهما بعدم وجدان الماء لأنا نقول أما الحديث الذي ذكرتموه فإنا نحمله على من لم يمكن من استعمال الثلج للبرد لان الغالب في تلك الأرض التي لا يوجد فيها إلا الثلج والجمد شدة البرودة المانعة من الملامسة فيحمل عليه لطهوره وجمعا بين الأدلة وأما التخصيص فممنوع لأنه قد وقع الاتفاق من المحققين على أن الجواب عن صورة خاصة لا يقتضي التخصيص كما لو سئل عن السائمة فقال فيها زكاة مع وقوع الخلاف منهم على الدلالة على التخصيص إذا لم يكن جوابا. فرعان [الأول] ظهر من هذا جواز استعمال الثلج مع وجود الماء بشرط الجريان.
[الثاني] لو وقع في الماء القليل المانع الملاصق لما زاد على الكر من الثلج نجاسة ففي نجاسته نظر فإنه يمكن أن يقال ماء متصل بالكر فلا يقبل التنجيس ويمكن أن يقال ماء قليل متصل بالجامد اتصال مماسة لا ممازجة واتحاد فأشبه المتصل بغير الماء في انفعاله عن النجاسة لقلته.
مسألة: إذا كان معه إناءان أحدهما نجس بيقين واشتبها أجتنب مائهما وجوبا ويتيمم سواء زاد عدد الطاهر أو نقص وهل يجب الإراقة جزم به الشيخ في النهاية وابن بابويه في كتابه والمفيد في المقنعة والأولى عدم الوجوب وعن أحمد روايتان في الإراقة وقال الشافعي يجوز