الطحاوي عن مالك في سؤر النصراني والمشرك انه لا يتوضى له (به). لنا: على نجاسة سؤر الكافر قوله تعالى: (إنما المشركون نجس) وأيضا ما رواه الجمهور عن أبي تغلبة الحبشي قال قلت يا رسول الله أنا بأرض قوم أهل الكتاب فآكل في آنيتهم فقال: لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها لا يقال على الآية والخبر أنهم لما كثرت مباشرتهم للنجاسات أطلق عليهم اسم النجس وإن لم تكن أعيانهم نجسة ولا أوانيهم لأنا نقول هذا صرف اللفظ عن الظاهر مع عدم الدليل ولان إذلال الكافر أمر مطلوب والتنجيس طريق صالح وأيضا ما رواه الشيخ في الحسن عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن سؤر اليهودي والنصراني قال: لا وأما الناصب قادح في أمير المؤمنين (ع) وقد علم بالضرورة من الدين تحريم ذلك فهو من هذه الحيثية داخل في الكفار لخروجه عن الاجماع وأما الغلاة فإنهم وإن أقروا بالشهادة إلا أنهم خارجون عن الاسلام أيضا وأما نجاسة سؤر الكلب والخنزير فيدل عليه ما رواه الجمهور عن النبي (ع) أنه قال طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا أخرجه أبو داود ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضل أبي العباس قال سألت أبا عبد الله (ع) عن فضل الهرة والشاة والبقر والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئا إلا سألته عنه فقال: لا بأس حتى انتهيت إلى الكلب فقال: رجس نجس لا يتوضى بفضله وأصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال: اغسل الاناء وعن السنور قال: لا بأس أن يتوضأ من فضلها إنما هي من السباع وما رواه معاوية بن شريح قال سأل عذافر أبا عبد الله (ع) وأنا عنده عن سؤر الثور والشاة والبقر والبعير والحمار والفرس والبغل والسباع يشرب فيه أو يتوضأ فقال: نعم اشرب منه وتوضأ قال قلت له الكلب؟ قال: لا قلت أليس هو سبع قال: لا والله إنه نجس لا والله إنه نجس ومثله روى معاوية بن ميسرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ولأنهما نجسا العين فينجسان ما يلاقيانه وكان لعابهما متولد (متولدا) من لحمها وهو نجس العين فإن امتزج بالماء نجس الماء لا يقال إن الكلب من الطوافين علينا فكان سؤره طاهرا كالهرة وأيضا روي في الصحيح عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الوضوء مما ولغ فيه الكلب والسنور أو يشرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك أيتوضأ منه أو يغتسل؟ قال: نعم إلا أن تجد غيره فتنزه عنه لأنا نجيب عن الأول: بالمنع من كونه من الطوافين سلمنا لكن القياس في معارض النص باطل وعن الثاني:
بأن المراد ما ولغ فيه الكلب مما بلغ كرا ويدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: ليس بفضل السنور بأس لمن يتوضأ منه ويشرب ولا يشرب سؤر الكلب إلا أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه. فائدة الأحاديث التي قدمناها ليس فيها دلالة على الخنزير بل الطريق وجوه. {أحدهما} أنه نجس فينجس سؤره. {الثاني} الاجماع وقول مالك فارق له ويمكن أن يقول ثبت نجاسة سؤر الكلب فيثبت نجاسة سؤر الخنزير بالاجماع. {الثالث} قوله تعالى: (أو لحم خنزير) فإنه نجس. {الرابع} قال ا لشيخ الخنزير يسمى كلبا لغة وقد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به؟ فقال: إن كان دخل في صلاته فليمض وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون فيه أثر فيغسله قال وسألته عن خنزير شرب في إناء كيف يصنع به؟ قال: يغسل سبع مرات احتجوا بقوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم) ويأمر بغسل ما أصابه فيه (فوه) وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الحياض التي بين مكة والمدينة يردها السباع والكلاب والحمر وعن الطهارة بها فقال: لها ما حملت في بطونها ولنا ما أبقت فيدل على أن ما بقي طهور ولأنه حيوان فكان طاهرا كالمأكول والجواب الامر بالغسل مستفاد من الاخبار سلمنا لكن المشقة منعت من وجوب الغسل والحياض الكبيرة لا ينجس بالملاقاة والفرق ظاهر بين المأكول والكلب وأما طهارة سؤر غيرهما من الحيوانات فلانها طاهرة والماء على أصل الطهارة فمع الملاقاة لا يوجب التنجيس ولما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن الحياض في الفلوات وما يؤتيها (يأتيها) من السباع فقال: لها ما حملت في بطونها وما أبقت فهو لنا شراب وطهور ومن طريق الخاصة رواية فضل الصحيحة وقد تقدمت ورواية محمد بن مسلم في الصحيح أيضا الدالة على طهارة سؤر الهر بالتنصيص وعلى طهارة سؤر السباع كلها بالايماء وروايتا معاوية بن شريح ورواية معاوية بن ميسرة وقد تقدمتا وأيضا روى الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) إن أبا جعفر (ع) كان يقول لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الاناء أن يشرب منه ويتوضأ منه وروي في الصحيح عن معاوية بن عمار في الهرة أنها من أهل البيت ويتوضأ من سؤرها ويدل هذا من حيث المفهوم على طهارة سؤر الحشرات وروي في الصحيح عن أبي الصلاح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان علي (ع) يقول: لا تدع فضل السنور أن يتوضى منه إنما هي سبع ويدل بالايماء على طهارة سؤر السباع وروي في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال في كتاب علي (ع): أن الهر سبع ولا بأس بسؤره وإني لأستحي من الله أن ادع طعاما لان الهر أكل منه وروي في الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن سؤر الدواب والغنم والبقر أيتوضأ منه ويشرب فقال: لا بأس وروي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: فضل الحمامة والدجاج فلا بأس به وروي عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عما يشرب منه الحمامة قال: كلما أكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب وعما شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال: كل شئ به من الطير يتوضأ فما يشرب منه إلا أن يرى في منقاره دما فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وحديث أبي بصير وعمار وإن كانا ضعيفين لان في الأول علي بن أبي حمزة وهو واقفي وعمار فطحي إلا أنه مناسب للمذهب وأيضا الاجماع قد وقع على طهارة سؤر الطيور وعلى طهارة سؤر الهر وما دونها في الخلقة كالفأرة وابن عرس وغيرهما