بينما أنا جالس في صلاتي إذا رقدت فوضع انسان يده على كتفي وإذا النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت يا رسول الله على من هذا وضوء فقال: لا حتى تضع جنبيك وما رواه أنس قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا نام العبد في سجوده باها الله به ملائكته فيقول انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي فلو كان النوم ناقضا لخرج عن كونه طائعا واستدل الشافعي بما رواه أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا ينامون ثم يقومون لصلاة ولا يتوضؤن والجواب عن الحديث الأول من وجهين: أحدهما: الطعن في السند فإن رواية أبو خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس وأبو خالد لم يلق قتادة وقال شعبة وغيره إن قتادة لم يسمع أبا العالية إلا أربعة أحاديث أو ثلاثة وليس هذا الحديث منها وقيل قتادة كان مدلسا قال ابن سيرين حدث؟ (حديث) عمر سبب إلا عن الحسين وأبي العالية لأنهما لم يكونا يباليان عن من أحد؟ (حدثوا) الثاني أنه مع التسليم فهو من غير حجة لأنه (ع) نص على الاضطجاع ونص على العلة التي هي الاسترخاء وذلك يقتضي تعمم الحكم في جميع موارد صور العلة وهذان جوابان عن الثاني وعن الثالث يجوز أن يكون حذيفة غير مستغرق في النوم بحيث يغيب عن مشاعره الإحساس وليس في حديث إن رقاده انتهى إلى ذلك لا يقال تعليق الايجاب بوضع الجنب إلى الأرض يقتضي السلب في غيره لأنا نقول هنا خرج مخرج الأغلب فلا يدل على النفي في غيره إجماعا كما في النهي عن الاكراه عند إرادة التحصن وعن الرابع بوجوه، أحدها: أن السجود قد يكون في الصلاة وفي غيرها وليس في الحديث إشعار بذكر الصلاة، والثاني:
أن قوله وجسده في طاعتي لا يمكن حمله على حالة النوم بل يكون إشارة إلى حالة قبل النوم لأنه في تلك الحال خرج عن أن يكون مكلفا، الثالث: أنه قد روى هذا الحديث بغير هذه العبارة فإنه قد روى روحه عندي وجسده بين يدي وحينئذ لا دلالة وحديث الشافعي ضعيف لان رواية أنس على النفي غير مقبولة ولان قوله ينامون حكاية حال فلا يعم فجاز أن يكون المراد بذلك غير الغالب ولأنه حكاية عن حال خفية عنه استدل عليها بظاهر فعلهم فأمكن أن يظن نوما ما ليس بنوم. فروع [الأول] السنة غير ناقضة والمراد منها ابتداء النعاس لأنه في تلك الحال لا يسمى نائما ولان النقض مشروط بزوال العقل لرواية أبي الصباح وزرارة وقد تقدمتا. [الثاني] كلما غلب على العقل من إغماء أو جنون أو سكر أو غيره ناقض لا نعرف خلافا فيه بين أهل العلم لان النوم الذي يجدد معه الحدث موجب للوضوء فالاغماء والسكر أولى ولما رواه الشيخ في الصحيح عن معمر بن خالد قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاع للوضوء يشتد عليه وهو قاعد يستند بالوسائد فربما أعفي وهو قاعد على تلك الحال قال: يتوضى قلت له إن الوضوء اشتد عليه فقال إذا خفى عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء علق الحكم بخفاء الصوت فيطرد وأجمع العلماء على عدم وجوب الغسل على المغمى عليه وقال الشافعي قيل ما جن انسان إلا أنزل والمعتمد أنه لا يجب به الغسل على المغمى عليه أيضا لان ما ذكره الشافعي لم يعلم تحققه. [الثالث] لو نام المريض مضطجعا نقض وضوئه لما ذكرناه واختلف الحنفية فيه فقال بعضهم ينقض وقال آخرون لا ينقض لأنه بمنزلة القائم والقاعد وإن اتفقوا على أن النوم كذلك في غير حالة الصلاة ناقض. مسألة: المشهور عند الأصحاب أن الاستحاضة القليلة حدث موجب للوضوء خلافا لابن أبي عقيل منا وهو قول أكثر الجمهور وقال ابن أبي عقيل منا ليس عليها وضوء وقال داود ليس على المستحاضة مطلقا وضوء وهو قول ربيعة ومالك. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال المستحاضة تتوضى لكل صلاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت وصلت كل صلاة بوضوء وما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تصلي كل صلاة بوضوء ما لم يثقب الدم وفي طريقها ابن بكير وإن كان فيه قولا إلا أن أصحابنا شهدوا له بالثقة احتج مالك بقول النبي (صلى الله عليه وآله) وإن فرط الدم على الحصير والجواب عنه أن المراد به في الوقت لان طهارتها باقية ببقاء الوقت ولانا نقول بموجبه لأنها مكلفة بالصلاة وإن كان الدم يسيل ولان النبي (صلى الله عليه وآله) قال في هذا الحديث يتوضأ وصلى وأيضا فهو خارج نجس فصار كالبول. فروع [الأول] لا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد سواء كانا فرضين أو أحدهما أو نفلين وقال الشافعي تتوضى لكل فرض ولا تجمع بين فرضين بوضوء ولها أن تجمع بين فرض ونفل وبين نوافل وقال أبو حنيفة وأحمد يصلى بوضوء واحد ما شاءت من الفرائض والنوافل ما دامت في الوقت و الشيخ في المبسوط اختار قول الشافعي. لنا: ما رويناه من حديث زرارة ومعاوية من قولهما (ع) يتوضأ لكل صلاة وما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: المستحاضة يتوضأ لكل صلاة ولأنها طهارة ضرورية لكون الحدث مقارنا لها فيتقدر بقدر الضرورة وهو الصلاة الواحدة. [الثاني] لو توضأت قبل دخول الوقت لم يصح لعدم الضرورة ولقوله (ع) يتوضأ لكل صلاة. [الثالث] لو انقطع دمها بعد الطهارة للبرء؟ قبل الدخول استأنف الوضوء وهو قول الشافعي لأنه شرع للضرورة وقد زالت فصارت كالمتيمم ولو صلت من غير استئناف أعادت الصلاة ومع الاستيناف لأنها دخلت غير متطهرة سواء عاد الدم قبل الفراغ أو بعده أما لو انقطع في أثناء الصلاة فللشافعية وجهان، أحدهما: الاستيناف بعد إعادة الطهارة، الثاني: الاستمرار وأما عندنا فالوجه عدم الاستيناف لأنها دخلت في الصلاة دخولا مشروعا قطعا ولا دليل على إيجاب الخروج والاستصحاب يدل على وجوب الاتمام قوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) وقال أبو حنيفة إذا انقطع الدم قبل الشروع أو بعده قبل الفراغ فتم ذلك الانقطاع حتى خرج وقت الظهر مثلا انقضت طهارتها فإذا توضأت للعصر فصلت فاستمر الانقطاع إلى الغروب لم ينتقض