فصل: والوصية للميت عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد: باطلة وقال مالك بصحتها. فإن كان عليه دين أو كفارة صرفت. وإلا كانت لورثته. ولو أوصى لرجل بألف ولم يكن حاضرا إلا ألف وباقي ماله غائب، أو باقي ماله عقار أو دين، وشح الورثة وقالوا: لا ندفع إلى الموصى له إلا ثلث الألف. فعند مالك:
ليس لهم ذلك. وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: له ثلث الألف. ويكون بباقي حقه شريكا في جميع ما خلفه الموصي، يستوفي منه حقه.
فصل: وإذا وصى لغلام لم يبلغ الحلم، وكان يعقل ما يوصى له به، فوصيته جائزة عند مالك. وقال أبو حنيفة: بعدم الجواز. واختلف قول الشافعي. فالأصح من مذهبه:
أنها لا تصح. وهو مذهب أحمد.
ولو اعتقل لسان المريض، فهل تصح وصيته بالإشارة أم لا؟ قال أبو حنيفة وأحمد: لا تصح. وقال الشافعي: تصح. والظاهر من مذهب مالك: جواز ذلك.
وإذا قبل الموصى إليه الوصية في حياة الموصي، لم يكن له عند أبي حنيفة ومالك أن يرجع بعد موته. وقال أبو حنيفة: ولا في حياة الموصي، إلا أن يكون الموصي حاضرا. وقال الشافعي وأحمد: له الرجوع على كل حال. وعزل نفسه متى شاء. قال النووي: إلا أن يتعين عليه، أو يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم عليه.
وإذا أوصى لحر بأبيه الرقيق، فقبل الوصية وهو مريض. فيعتق عليه أبوه. ثم مات الابن، فعند مالك والجمهور: أنه يرثه. وقال الشافعي وأحمد: لا يرثه.
وإذا قال: أعطوه رأسا من رقيقي، أو جملا من إبلي. وكان رقيقه أو إبله عشرة، قال مالك: يعطى عشرهم بالقيمة. وقال الشافعي: يعطيه الورثة ما يقع عليه اسم رأس، صغيرا كان أو كبيرا.
فصل: وإذا كتب وصية بخطه، ويعلم أنها بخطه، ولم يشهد فيها، فهل يحكم بها كما يحكم بها لو أشهد على نفسه بها؟ الثلاثة على أنه لا يحكم بها. وقال أحمد: يحكم بها ما لم يعلم رجوعه عنها.
ولو أوصى إلى رجلين وأطلق، فهل لأحدهما التصرف دون الآخر؟ قال الثلاثة: لا تجوز مطلقا. وقال أبو حنيفة: تجوز في ثمانية أشياء مخصوصة: شراء الكفن، وتجهيز الميت، وإطعام الصغار وكسوتهم، ورد وديعة بعينها، وقضاء دين، وإنقاذ وصية بعينها، وعتق عبد بعينه. والخصومة في حقوق الميت.