كتاب الحجر والتفليس وما يتعلق بهما من الأحكام التفليس، أصله في اللغة: الفلس. وفي الشرع: اسم لمن عليه ديون لا يفي ماله بها. ويسمى معسرا. والمعسر إذا ثبت إعساره وجب إنظاره بدليل قوله تعالى: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * ولما روي أن رجلا ابتاع ثمرة. فأصيب بها فقال النبي (ص): تصدقوا عليه. فتصدقوا فلم يف بما عليه، ثم قال: تصدقوا عليه. فتصدقوا عليه. فلم يف بما عليه. فقال النبي (ص) لغرمائه: خذوا ما وجدتم، ما لكم غيره وهذا نص.
فإن كان له مال ظاهر باع الحاكم عليه ماله. وقضى الغريم. وإن قضى الحاكم للغرماء شيئا من مال من عليه الدين، جاز. بدليل ما روي أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر. وقال: ألا إن الأسيفع - أسيفع جهينة - رضي من دينه وأمانته، أن يقال: سابق الحاج - ويروى: سبق الحاج - فادان معرضا. وأصبح، وقد رين به. فمن كان له عليه دين فليحضر غدا. فإنا بايعوا ماله. فقاسموه بين غرمائه. وروي فمن كان له عليه دين فليغد بالغداة. فلنقسم ماله بينهم بالحصص وهذا بمجمع من الصحابة. ولم ينكر عليه أحد. فدل أنه إجماع.
تنبيه: قوله: فادان معرضا أي يتعرض للناس ليستدين ممن أمكنه، ويشتري به الإبل الجياد، ويروح في الحج فيسبق الحاج. وقوله: فأصبح وقد رين به يقال: رين بالرجل إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه، ولا قبل له به. ويقال: لما غلبك وعلاك:
قد ران بك، وران عليك. ومنه قوله تعالى: * (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) *