وإن قبلها كانت منة في الصدقات، لا يسعه عندي غيره، إلا أن يكافئه عليه بقدر ما يسعه.
وإن كانت من رجل لا سلطان له عليه، وليس بالبلد الذي به سلطانه على إحسان كان به، فأحب أن يقبلها ويجعلها لأهل الولاية أو يدعها. ولا يأخذ مكافأة.
فإن أخذها وتمولها لم يحرم عليه.
وعلى أحمد روايتان، إحداهما: لا يختص بها من أهديت إليه، بل هي غنيمة قبل حيازها إذا كان له فيها حق أنه لا يقطع.
واختلفوا فيمن له فيها حق: هل يحرق رحله، ويحرم سهمه أم لا؟
قال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يحرق رحله، ولا يحرم سهمه. وقال أحمد:
يحرق رحله الذي معه، إلا المصحف وما فيه روح من الحيوان، وما هو جنة للقتال، كالسلاح رواية واحدة. وهل يحرم سهمه؟ عنه روايتان.
فصل: مال الفئ: وهو ما أخذ من مشرك لأجل كفره بغير مال، كالجزية المأخوذة على الرؤوس، وأجرة الأرض المأخوذ باسم الخراج، أو ما تركوه فزعا وهربا.
ومال المرتد إذا قتل في ردته، ومال كل كافر مات بلا وارث. وما يؤخذ منهم من العشر إذا اختلفوا إلى لاد المسلمين، أو صولحوا عليه. هل يخمس أم لا؟
قال أبو حنيفة وأحمد في المنصوص عنه: هو للمسلمين كافة، فلا يخمس، بل جميعه لمصالح المسلمين. وقال مالك: كل ذلك هو فئ متميز مقسوم، يصرفه الإمام في مصالح المسلمين بعد أخذ حاجته منه.
وقال الشافعي: يخمس، وقد كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الذي يصنع به من بعده، فقولان. أحدهما: لمصالح المسلمين. والثاني: للمقاتلة.
وأما الذي يخمس منه، فقولان. الجديد: أنه يخمس جميعه، وهي رواية عن أحمد. والقديم: لا يخمس، إلا ما تركوه فزوعا وهروبا. انتهى.
المصطلح: ويشتمل على صور منها:
صورة ما إذا نصب الإمام الأعظم رجلا لتحصيل أموال الفئ وقسمتها على مستحقيها شرعا.
هذا كتاب إسناد صحيح شرعي، وتفويض معتبر مرعى، ونصب قاسم للمسلمين، معتمد فيه على رب العالمين، أمر بإنشائه وتحريره، وكتابته وتسطيره، مولانا المقام