ولو مات الواهب، أو الموهوب منه، بين العقد والقبض: لم ينفسخ العقد على الأصح، بل يقوم وارث الميت مقامه.
وينبغي أن يعدل الوارث بين الأولاد في العطية. وطريق العدل والتسوية بين الذكور والإناث، أو رعاية قسمة الميراث فيه وجهان. أصحهما: الأول.
وللأب الرجوع في الهبة من الأولاد. والأصح من الأقوال: أن سائر الأصول كالأب، وإنما يثبت الرجوع في الهبة إذا كان الموهوب باقيا في ولاية المتهب. فلو تلف أو باعه أو وقفه فلا رجوع.
ولا يمتنع الرجوع بالرهن والهبة قبل القبض، ولا يتعلق العتق وتزويج الجارية، وزراعة الأرض. وكذا بالإجارة على الأظهر. ولو زال الملك ثم عاد لم يعد الرجوع في أصح الوجهين.
ولا تمنع الزيادة الرجوع، متصلة كانت أو منفصلة. لكن المنفصلة تسلم للولد ويحصل الرجوع بقوله: رجعت فيما وهبت، واسترجعت، ورددت المال إلى ملكي، ونقضت الهبة.
وأصح الوجهين: أنه لا يحصل الرجوع ببيع الموهوب ووقفه وهبته، وإعتاق العبد، ووطئ الجارية.
فائدة: قسم الشافعي رحمه الله تعالى العطايا. فقال: تبرع الانسان بماله على غيره ينقسم إلى معلق بالموت، وهو الوصية. وإلى منجز في الحياة، وهو ضربان. أحدهما:
الوقف. والثاني: التمليك المحض. وهو ثلاثة أنواع: الهبة، والهدية، وصدقة التطوع.
الخلاف المذكور في مسائل الباب:
اتفق الأئمة على أن الهبة تصح بالايجاب والقبول والقبض. فلا بد من اجتماع الثلاثة عند الثلاثة. وقال مالك: لا تفتقر صحتها ولزومها إلى قبض. بل تصح وتلزم بمجرد الايجاب والقبول. ولكن القبض شرط في نفوذها وتمامها.
واحترز مالك بذلك عما إذا أخر الواهب الاقباض، مع مطالبة الموهوب له حتى مات وهو مستمر على المطالبة: لم تبطل. وله مطالبة الورثة، فإن ترك المطالبة، أو أمكنه قبض الهبة، فلم يقبضها حتى مات الواهب، أو مرض: بطلت الهبة.
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة. فإن مات قبل أن يجاز عنه. فهو ميراث.