وإذا استعار شيئا، فهل له أن يعيره لغيره؟ قال أبو حنيفة ومالك: له ذلك وإن لم يأذن له المالك، إذا كان لا يختلف باختلاف المستعمل. وقال أحمد: لا يجوز إلا بإذن المالك. وليس للشافعي فيها نص، ولأصحابه وجهان. أصحهما: عدم الجواز.
واختلفوا: هل للمعير أن يرجع فيما أعاره؟ فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد:
للمعير أن يرجع في العارية متى شاء، ولو بعد القبض، وإن لم ينتفع بها المستعير وقال مالك: إن كان إلى أجل لم يكن للمعير الرجوع فيها إلى انقضاء الأجل.
ولا يمكن المعير استعادة العارية قبل انتفاع المستعير بها. وإذا أعار أرضا لبناء أو غراس. قال مالك: ليس له أن يرجع فيها إذا بنى أو غرس، بل للمعير أن يعطيه قيمة ذلك مقلوعا، أو يأمره بقلعه إن كان ينتفع بمقلوعه. فإن كان له مدة، فليس له أن يرجع قبل انقضائها. فإذا انقضت فالخيار للمعير. كما تقدم.
وقال أبو حنيفة: إن وقت له وقتا فله أن يجبره على القلع. وإلا فليس له الاجبار قبل انقضائها. وقال الشافعي وأحمد: إن شرط عليه القلع، فله أن يجبره عليه أي وقت اختار. وإن لم يشرط، فإن اختار المستعير القلع. قلع، وإن لم يختر فللمعير الخيار بين أن يتملكه بقيمته أو يقلع، ويضمن أرش النقص. فإن لم يختر المعير لم يقلع إن بذل المستعير الأجرة.
فائدة: الرد المبرئ من ضمان العارية: تسليمها إلى المالك أو وكيله. فله رد البهيمة إلى الإصطبل، والثوب إلى البيت الذي أخذه منه. وإذا لم يجد المعير. فسلم الدابة إلى زوجته أو ولده، فأرسلت إلى المرعي فضاعت فالمعير بالخيار بين أن يغرم المستعير أو الزوجة أو الولد.
المصطلح:
وصوره تشتمل على أنواع، منها: صورة عارية الرجل ابنته، أو ابنة جاريته موطوءته للخدمة: أعار فلان ولده لصلبه فلانا - أو ابنته لصلبه فلانة - جميع الجارية الحبشية، أو السوداء التكرورية الجنس، أو النوبية، أو الزنجية. المرأة الكاملة المدعوة فلانة، المعترفة للمعير المذكور بالرق والعبودية، التي هي مفترشة المعير المذكور - أو أم ولده - لتقوم بخدمة المستعيرة - أو المستعير - المذكور خدمة مثلها لمثلها - أو لمثله - مدة كذا وكذا من تاريخه، عارية شرعية معتبرة مرعية، وجد فيها شروط صحتها من الإعارة باللفظ بالصيغة المعتبرة، ووجود الاستعمال من المستعيرة. وسلم إليها العارية المعينة أعلاه بالمقتضى المشروح أعلاه. فتسلمتها منه التسلم الشرعي. وصارت في يدها