ثلاثة أضرب: ضرب تثبت فيه الشفعة، سواء بيع مفردا أو مع غيره. وضرب لا تثبت فيه الشفعة بحال. وضرب تثبت فيه الشفعة تبعا لغيره، ولا تثبت فيه الشفعة إذا بيع منفردا.
فأما الضرب الأول - وهو ما تثبت فيه الشفعة مفردا أو مع غيره - فهي العرصات، عرصة الأرض والدار. فإذا باع أحد الشريكين نصيبه فيها ثبت لشريكه الشفعة فيه. وهو قول عامة العلماء، إلا الأصم. فإنه قال: لا تثبت الشفعة بحال، لان في ذلك إضرارا بأرباب الأموال، لان المشتري متى علم أنه يؤخذ منه لم يرغب في الشراء. فيؤدي ذلك إلى الضرر البالغ. وربما تقاعد شريكه عن الشراء منه.
ودليلنا عليه: ما ذكرناه من الاخبار. وما ذكره الأصم غير صحيح، لأنا نشاهد الأشقاص تشترى مع علم المشتري باستحقاق الشفعة عليه.
وأما الضرب الثاني - وهو ما لا يثبت فيه الشفعة بحال - فهو كل ما ينقل ويحول، مثل الطعام والثياب والعبيد. فإذا باع أحد الشريكين نصيبه في ذلك لم يثبت لشريكه فيه الشفعة، وبه قال عامة أهل العلم، خلافا لمالك. فإنه قال: تثبت الشفعة في جميع ذلك.
دليلنا: قوله (ص): الشفعة في كل ما لم يقسم. فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وهذا لا يتناول ما ينقل. وما روى جابر من قوله (ص) لا شفعة إلا في ربع أو حائط فنفى الشفعة في غيرهما. وأما الضرب الثالث - وهو ما تثبت فيه الشفعة تبعا لغيره - فهو الغراس والبناء في الأرض. فإن باع أحد الشريكين نصيبه فيه منفردا عن الأرض لم تثبت فيه الشفعة، لأنه منقول كالثياب والعبيد. فإن باع أحد الشريكين نصيبه في البناء والغراس مع نصيبه من الأرض تثبت فيه الشفعة لقوله (ص): الشفعة في كل ربع أو حائط والربع هو الدار ببنائها. والحائط هو البستان بأشجاره، ولان البناء والغراس يرادان للبقاء والتأبيد. فتثبت فيهما الشفعة كالأرض.
الخلاف المذكور في مسائل الباب:
الشفعة: تثبت للشريك في الملك باتفاق الأئمة. ولا شفعة للجار عند مالك