الخلاف المذكور في مسائل الباب:
اتفقوا على جواز دفع الصدقات إلى جنس واحد من الأصناف الثمانية المذكورين في الآية الكريمة، إلا الشافعي. فإنه قال: لا بد من استيعاب الأصناف الثمانية إن قسم الإمام وهناك عامل، وإلا فالقسمة على سبعة. فإن فقد بعض الأصناف قسمت الصدقات على الموجودين. وكذا يستوعب المالك الأصناف من البلد وجب النقل، أو بعضهم رد على الباقين.
والأصناف الثمانية هم: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، والرقاب، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
والفقير عند أبي حنيفة ومالك: هو الذي له بعض كفايته وعوزه باقيه. والمسكين عندهما: هو الذي لا شئ له.
وقال الشافعي وأحمد: بل الفقير هو الذي لا شئ له، والمسكين هو الذي له بعض ما يكفيه.
واختلفوا في المؤلفة قلوبهم. فمذهب أبي حنيفة: أن حكمهم منسوخ. وهي رواية عن أحمد. والمشهور من مذهب مالك: أنه لم يبق للمؤلفة سهم، لغناء المسلمين. وعنه رواية أخرى: أنم إن احتيج إليهم في بلد أو ثغر: استأنف الإمام عطاءهم لوجود العلة.
وللشافعي قولان، أنهم: هل يعطون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ والأصح: أنهم يعطون من الزكاة، وأن حكمهم غير منسوخ. وهي رواية عن أحمد.
وهل ما يأخذه العامل على الصدقات: من الزكاة، أو من عمله؟ قال مالك والشافعي: هو من الزكاة.
وعن أحمد: يجوز أن يكون عامل الصدقات عبدا، أو من ذوي القربى. وعنه في الكافر روايتان. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يجوز.
والرقاب: هم المكاتبون، ليؤدوا ذلك في الكتابة. وقال مالك: لا يجوز، لأن الرقاب عنده العبيد الأرقاء، فعند مالك: يشترى من الزكاة رقبة كاملة فتعتق وهي رواية عن أحمد.
والغارمون: المدينون بالاتفاق.
وفي سبيل الله: الغزاة. وقال أحمد في أظهر الروايتين: الحج من سبيل الله. وابن السبيل: المسافر بالاتفاق.