كتاب المساقاة والمزارعة وما يتعلق بهما من الأحكام الأصل في المساقاة: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: افتتح رسول الله (ص) خيبر على أن له الأرض، وكل صفراء وبيضاء - يعني: الذهب والفضة - فقالوا:
نحن أعلم بالأرض منكم، فأعطونا على أن لنا النصف ولكم النصف، فأعطاهم. فلما كان وقت الثمرة بعث إليهم عبد الله بن رواحة ليحزر الثمرة. فحزرها عليهم. فقالوا: يا ابن رواحة، أكثرت علينا. فقال: إن شئتم فلكم، وضمنتم نصيب المسلمين، وإن شئتم فلي، وأضمن لكم نصيبكم. فقالوا: هذا هو الحق. وبه قامت السماوات وروي أن عبد الله بن رواحة خرص عليهم أربعين ألف وسق. فكان لرسول الله (ص) عشرون ألفا.
ولهم عشرون ألفا وروى ابن عمر أن النبي (ص) ساقى أهل خيبر على تلك الأصول بالشطر. والمساقاة: أن يعامل إنسانا على أشجار ليتعهدها بالسقي والتربية، على أن ثمارها تكون بينهما. واللفظ مأخوذ من السقي. وإن كان مشروطا على العامل أعمالا كثيرة، لان السقي أشق الأعمال وأكثرها نفعا. وهي خاصة بالحجاز، لان أهلها يسقون من الآبار. فكان المالك والعامل يتعاونان على السقي.
وقيل: المساقاة من نوب الماء بين القوم. فيكون لبعضهم في وقت، ولآخرين في وقت. وتجوز المساقاة من جائز التصرف لنفسه، وللصبي والمجنون بالولاية. وموردها:
الكرم والنخيل. ولا ترد على ما لا يثمر من الأشجار، وما ينبت ولا ساق له بحال.
ولا تصح المخابرة - وهي المعاملة، على الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من العامل - ولا المزارعة. وهي هذه المعاملة، والبذر من المالك. نعم، لو كان بين النخيل بياض يجوز المزارعة عليه، تبعا للمساقاة على النخيل، وعسر إفراد النخيل بالسقي والبياض بالمزارعة.
وكذا يشترط أن يفصل بينهما، وأن لا يقدم المزارعة على المساقاة في أظهر الوجهين. وأصح