وإذا كان رأس مالهما متساويا، واشترط أحدهما أن يكون له من الربح أكثر مما لصاحبه. فالشركة فاسدة عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: يصح ذلك. وإذا كان المشترط لذلك أحذق في التجارة وأكثر عملا. انتهى.
ولكل واحد منهما فسخ الشركة متى شاء، وتنفسخ بموت أحدهما أو جنونه أو إغمائه. ويكون الربح والخسران على قدر المالين، تساويا في العمل أو تفاوتا، ويد كل واحد منهما يد أمانة. فيقبل قوله في دعوى الرد والتلف والخسران. فإذا ادعى التلف بسبب ظاهر طولب بالبينة على ذلك السبب، ثم يقبل قوله في الهلاك به. ولو قال من في يده المال: هذا المال لي. وقال الآخر: بل من مال الشركة. فالقول قول صاحب اليد.
ولو قال: انقسمنا وصار هذا المال لي. وأنكر الآخر فالقول قول المنكر.
المصطلح:
وصوره تشتمل على أنواع. منها: صورة شركة العنان: هذا ما اشترك عليه فلان وفلان - أو حضر إلى شهوده في يوم تاريخه فلان وفلان - وأشهدا عليهما: أنهما أخرجا من مالهما وصلب حالهما ما مبلغه من الذهب كذا، أو الفضة كذا. وخلطا ذلك حتى صار مالا واحدا، لا يتميز بعضه من بعض. وأذن كل منهما للآخر أن يبتاع من عرض ذلك ما شاء من أصناف المتاجر، ويبيعه بالحانوت الجاري في إيجارهما، الكائن بسوق كذا، بالنقد والنسيئة. ومهما أطلع الله في ذلك من ربح، ويسره من فائدة، كان مقسوما بينهما نصفين بالسوية، أو على قدر ماليهما. وذلك بعد إخراج المؤن والكلف والاجر وحق الله تعالى إن وجب، شركة صحيحة شرعية. اتفقا عليها وتراضيا بها، وقبلها كل منهما من الآخر قبولا شرعيا. وعلى كل منهما أداء الأمانة وتجنب الخيانة. والعمل في ذلك كله بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته في سره وعلانيته.
وصورة شركة الأبدان: حضر إلى شهوده في يوم تاريخه فلان وفلان، وأشهدا عليهما أنهما اشتركا على أن يحملا للناس أثقالهم إلى أسواقهم وبيوتهم ومحل طلباتهم بالبلد الفلاني، نهارا دون الليل، خلا أوقات الصلوات، ومهما رزق الله تعالى من أجرة كانت بينهما نصفين بالسوية، شركة صحيحة شرعية، اتفقا عليها وتراضيا بها. وتقبلاها قبولا شرعيا. ونصبا أنفسهما لذلك بحكم الاشتراك الواقع بينهما على ذلك، على مذهب من يرى ذلك من السادة العلماء رضي الله عنهم أجمعين. ويكمل.
وهذه صحيحة عند أبي حنيفة ومالك وأحمد. ويجوز عندهم على اختلاف الصفة بين الشريكين، وعلى تفاوت القسمة بينهما في الأجرة. وصورة شركة المفاوضة على