الخلاف المذكور في مسائل الباب:
أجمع الأئمة على أن اللقطة تعرف حولا كاملا، إذا لم يكن شيئا تافها يسيرا، أو شيئا لابقاء له. وأن صاحبها إذا جاء أحق بها من ملتقطها. وأنه إذا أكلها بعد الحول، وأراد صاحبها أن يضمنه: كان له ذلك. وأنه إن تصدق بها ملتقطها بعد الحول، فصاحبها مخير بين التضمين وبين الرضى وبالاجر.
فصل: وأجمعوا على جواز الالتقاط في الجملة. ثم اختلفوا. هل الأفضل ترك اللقطة أو أخذها؟ فعن أبي حنيفة روايتان. إحداهما: الاخذ أفضل. والثانية: تركه أفضل. وعن الشافعي قولان. أحدهما: أخذها أفضل. والثاني: وجوب الاخذ.
والأصح: استحبابه لواثق بأمانة نفسه. وقال أحمد: تركها أفضل. فلو أخذها، ثم ردها إلى مكانها. قال حنيفة: إن كان أخذها ليردها إلى صاحبها. فلا ضمان وإلا ضمن. وقال الشافعي وأحمد: يضمن على كل حال. وقال مالك: إن أخذها بنية الحفظ، ثم ردها ضمن. وإن أخذها مترددا بين أخذها وتركها ثم ردها، فلا ضمان عليه.
فصل: ومن وجد شاة في فلاة حيث لا يوجد من يضمها إليه، ولم يكن بقربها من يضمها إليه، ولم يكن بقربها شئ من العمران، وخاف عليها، فله الخيار عند مالك في تركها أو أكلها، ولا ضمان عليه. قال: والبقرة إذا خاف عليها السباع كالشاة. قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: متى أكلها لزمه الضمان إذا حضر صاحبها.
فصل: وحكم اللقطة في الحرم وغيره سواء عند مالك. فللملتقط أن يأخذها على حكم اللقطة، ويتملكها بعد ذلك وله أن يأخذها ليحفظها على صاحبها فقط، وهو قول أبي حنيفة. وقال الشافعي وأحمد: له أن يأخذها ليحفظها على صاحبها فقط ويعرفها ما دام مقيما في الحرم. وإذا خرج سلمها إلى الحاكم وليس له أن يأخذها للتملك.
فصل: وإذا عرف اللقطة سنة، ولم يحضر مالكها. فعند مالك والشافعي:
للملتقط أن يحبسها أبدا، وله التصدق بها، وله أن يأكلها غنيا كان أو فقيرا. وقال أبو حنيفة: إن كان فقيرا: جاز له أن يتملكها، وإن كان غنيا: لم يجز. ويجوز له عند أبي حنيفة ومالك: أن يتصدق بها قبل أن يتملكها على شرط إن جاء صاحبها فأجاز ذلك:
مضى. وإن لم يجزه: ضمنه الملتقط له. وقال الشافعي وأحمد: لا يجوز ذلك، لأنهما صدقة موقوفة.
وإذا وجد بعيرا ببادية وحده: لم يجز له عند مالك والشافعي أخذه. فلو أخذه ثم أرسله فلا شئ عليه عند أبي حنيفة. ومالك وقال الشافعي وأحمد: عليه الضمان.