كتاب السلم وما يتعلق به من الأحكام السلم: جائز. والأصل في جوازه: الكتاب والسنة والقياس.
أما الكتاب: فقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم) * وقال ابن عباس: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل أجله الله في كتابه وأذن فيه، فقال تعالى الآية * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين) *.
وأما السنة: فروى الشافعي بإسناده عن ابن عباس قال قدم النبي (ص) المدينة، وهم يسلفون في الثمر السنة - وربما قال: السنتين والثلاث - فقال (ص): من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم.
والسلف: يقع على القرض وعلى السلم. وهو أن يسلف عوضا خاصا في عوض موصوف في الذمة، والمراد بالخبر: هو السلم. لان القرض يثبت بمثله حالا. فلا يحتاج إلى تقدير أجل.
وأما القياس: فلان البيع يشتمل على ثمن ومثمن. فإذا جاز أن يثبت الثمن في الذمة جاز أن يثبت المثمن في الذمة، ولان بالناس حاجة إلى جواز السلم، لان أرباب الثمار قد يحتاجون إلى ما ينفقون على تكميل ثمارهم، وربما أعوزتهم النفقة فجوز لهم السلف ليرتفقوا بذلك، ويرتفق به المسلم إليه في الاسترخاص.