فهذا يقتضي أن الرهن على جميع الدين أصالة وكفالة من كل واحد منهما. والنكتة في لفظة كل. وقد سبق التنبيه في مقدمة الكتاب على ذلك. انتهى.
المصطلح في ذلك يشتمل على صور:
منها: الرهن المجمع عليه. وصورته: أن يكتب - بعد فراغ ذكر الدين وأجله في ذيل المسطور -: ورهن المقر المذكور تحت يد المقر له المذكور، توثقة على الدين المعين أعلاه وعلى كل جزء منه، ما ذكر أنه له وبيده وملكه تحت تصرفه إلى حين هذا الرهن، أو جميع ما استعاره من زوجته فلانة قبل صدور عقد هذا الرهن ليرهنه على الدين المعين أعلاه وعلى كل جزء منه. وذلك جميع الدار الفلانية - ويحددها - ثم يقول: رهنا صحيحا شرعيا، مسلما مقبوضا بيد المرتهن بعد تفريغها من السكان والمنازع، والعوائق المانعة لصحة الرهن بإذن الراهن. وقبل المرتهن المذكور عقد الرهن، قبولا شرعيا.
فإن كان الرهن حصة من دار فهو صحيح عند الثلاثة، باطل عند أبي حنيفة. وعلة بطلانه عند أبي حنيفة من وجهين. أحدهما: أن الرهن حصة شائعة. الثاني: أنه غير مقبوض. وارتهان رهن قد لزم بالقول من غير تسليم الرهن إلى المرتهن. ولا قبض على مذهب مالك، سواء كان الرهن مميزا - كالعبد والدار - أو غير متميز، كقفيز من صبرة، لازم عنده على الاطلاق. وعند أحمد: لازم في المتميز دون غير المتميز.
فإذا كتب الصورة على مذهب مالك يقول: ورهن المقر المذكور عند رب الدين المذكور على جميع الدين المعين فيه، وعلى كل جزء منه، جميع الدار الفلانية - ويحددها - وهذا الرهن متميز، أو مكوكا من الحنطة، أو غرارة، أو إردبا من الحنطة التي قدرها ألف مكوك أو غرارة أو إردب، بالمخزن الفلاني - وهذا غير متميز - رهنا صحيحا شرعيا لازما مقبوضا، بلفظ الراهن للمرتهن بهذا القول، بحضرة شهوده. ويرفع إلى حاكم مالكي يثبته، ويحكم بصحة الرهن، مع العلم بالخلاف في صحة الرهن بالقول ولزومه من غير تفريغ ولا تسليم.
وإن كتب على مذهب أحمد فيقول: وذلك جميع الدار الفلانية - ويحددها - أو العبد الفلاني ويصفه. وهذان متميزان. ولا يكتب القفيز من الصبرة - لأنه غير متميز.
ويرفع إلى مالكي أو حنبلي، لان الرهن متميز يحكم بصحته، مع العلم بالخلاف في صحة الرهن الذي لم يتسلمه المرتهن. وهو قول على رواية من مذهب أحمد. والرواية الثانية كمذهب أبي حنيفة والشافعي.