والقرقر: مثله. وروي أن النبي (ص) استعار من صفوان بن أمية يوم حنين دروعا، فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال: بل عارية مضمونة.
وأما الاجماع: فقد أجمع المسلمون على جواز العارية.
وأما القياس: فلانه لما جاز هبة الأعيان، جاز هبة منافعها. ويشترط في المعير أن يكون مالكا للمنفعة، أهلا للتبرع. فيجوز للمستأجر أن يعير، ولا يجوز للمستعير أن يعير العارية. لكن له أن يستنيب عنه من يستوفي المنفعة له.
ويشترط في المستعار: أن يكون منتفعا به مع بقاء عينه. ولا يجوز إعارة الأطعمة التي منفعتها في الاستهلاك. ويجوز إعارة الجواري للخدمة، إن أعار من امرأة أو محرم. ويكره إعارة العبد المسلم من الكافر.
ولا بد في الإعارة من لفظ: إما من جهة المعير. كأعرتك هذا، أو خذ هذا لتنتفع به، أو من جهة المستعير، بأن يقول: أعرني هذا. وإذا وجد اللفظ من أحدهما والفعل من الآخر: كفى. ولو قال: أعرتك حماري لتعلفه، أو داري لتطين سطحها، أو أعرتك حماري لتعيرني فرسك. فهذه إجارة فاسدة توجب أجرة المثل غير مضمونة. ومؤنة الرد على المستعير. وإذا تلفت العارية بالاستعمال فعليه الضمان. وإن لم يكن منه تقصير.
وأظهر الوجهين للشافعي: أنه لا ضمان إذا تلفت العارية بالاستعمال.
الخلاف المذكور في مسائل الباب:
اتفق الأئمة على أن العارية قربة مندوب إليها. ومثاب عليها. واختلفوا في ضمانها. فمذهب الشافعي وأحمد: أن العارية مضمونة على المستعير مطلقا، تعدى أو لم يتعد. ومذهب أبي حنيفة وأصحابه: أنها أمانة على كل وجه، لا تضمن إلا بتعد. ويقبل قوله في تلفها. وهو قول الحسن البصري والنخعي والأوزاعي والثوري. ومذهب مالك:
أنه إذا ثبت هلاك العارية لا يضمنها المستعير، سواء كان حيوانا أو حليا أو ثيابا، مما يظهر أو يخفى، إلا أن يتعدى فيه. هذه أظهر الروايات. وذهب قتادة وغيره إلى أنه إذا شرط المعير على المستعير الضمان، صارت مضمونة عليه بالشرط. وإن لم يشترط لم تكن مضمونة.