الخلاف المذكور في مسائل الباب:
اتفق العلماء على أن الإجارة من العقود الجائزة بالعوض، وأن من شرط صحتها:
أن تكون المنفعة والعوض معلومين. واختلفوا: هل تملك الأجرة بنفس العقد؟ فقال أبو حنيفة: لا تملك الأجرة بالعقد. وتجب أجرة كل يوم بقسطه من الأجرة. وقال مالك: لا تملك المطالبة إلا يوما بيوم. وأما الأجرة: فقد ملكت بالعقد. وقال الشافعي وأحمد:
تملك الأجرة بنفس العقد. وتستحق بالتسليم. وتستقر بمضي المدة.
واختلفوا فيما إذا استأجروا دارا كل شهر بشئ معلوم. فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه: تصح الإجارة في الشهر الأول، وتلزم. وأما ما عداه من الشهور: فيلزم بالدخول فيه. وقال الشافعي المشهور عنه، وأحمد في الرواية الأخرى:
تبطل الإجارة في الجميع. واختلفوا فيما إذا استأجر منه شهر رمضان في شهر رجب، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يصح العقد. وقال الشافعي: لا يصح. واختلفوا: هل تصح الإجارة مدة تزيد على سنة؟ فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يجوز. وعن الشافعي أقوال، أظهرها: لا يصح أكثر من سنة. وعنه يجوز إلى ثلاثين سنة. وعنه يجوز أكثر من سنة بغير تقدير.
واختلفوا فيما إذا حول المالك المستأجر في أثناء الشهر. فقالوا: له أجرة ما سكن، إلا أحمد. فإنه قال: لا أجرة له. وكذلك قال: إن تحول الساكن لم يكن له أن يسترد أجرة ما بقي. فإن أخرجته يد غالبة، كان عليه أجرة ما سكن.
واختلفوا في العين المستأجرة: هل يجوز لمالكها بيعها؟ فقال أبو حنيفة: لا تباع إلا برضاء المستأجر، أو يكون عليه دين يحبسه الحاكم عليه. فيبيعها في دينه. وقال مالك وأحمد: يجوز بيعها من المستأجر وغيره، يتسلمها المشتري إذا كان غير المستأجر بعد انقضاء مدة الإجارة. وعن الشافعي قولان.
واختلفوا في إجارة المشاع. فقال أبو حنيفة: لا تصح إجارة المشاع إلا من الشريك. وقال مالك والشافعي: تجوز على الاطلاق. وعن أحمد روايتان. أظهرهما:
أنها لا تصح على الاطلاق. والأخرى: تصح، اختارها أبو حفص العكبري.
واختلفوا في جواز الاستئجار لاستيفاء القصاص في النفس، وفيما دون النفس.
فقال أبو حنيفة: يصح الاستئجار على استيفاء القصاص في النفس، وفيما دون النفس.
وقتل أهل الحرب. ثم اختلفوا. هل تجب الأجرة على المقتص له، أو المقتص منه؟
فقال أبو حنيفة: هي على المقتص له في الجميع، إذا كان في الطرف، أو فيما دون