واختلفوا في إكراه الأرض بالثلث والربع مما يخرج منها. فقالوا: لا يصح. وعن أحمد روايتان. أظهرهما: جوازه. واتفقوا على أنه إذا استأجر أرضا ليزرعها حنطة. فله أن يزرعها حنطة. وما ضرره ضرر الحنطة. واختلفوا في الرجل يستأجر زوجته لارضاع ولده منها. فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يصح. وزاد مالك، فقال: تجبر على ذلك، إلا أن تكون شريفة لا ترضع مثلها. وقال أحمد: يصح.
واختلفوا فيمن اكترى بهيمة إلى موضع معلوم، فجاوزه، فعطبت الدابة. فقال أبو حنيفة: عليه الأجرة المسماة إلى الموضع المسمى، وعليه قيمتها. ولا أجرة عليه فيما جاوزه. وقال مالك: صاحبها بعد تلفها بالخيار بين أن يضمنه القيمة بلا أجرة أو أجرة المثل بلا قيمة، بعد أن يؤدي الأجرة الأولى. وقال الشافعي وأحمد: عليه المسمى وأجرة ما تعداه، أو قيمتها. واختلفوا فيما إذا استأجر دارا ليصلي فيها. فقال مالك والشافعي وأحمد: يجوز أن يؤجر الرجل داره ممن يتخذها مصلى مدة معلومة، ثم تعود إليه ملكا.
وله الأجرة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك، ولا أجرة له. وقال ابن هبيرة في الافصاح:
وهذا من محاسن أبي حنيفة لا مما يعاب عليه، لأنه مبني على القرب عنده. فلا يؤخذ عليها أجرة.
واختلفوا: هل يجوز اشتراط الخيار ثلاثا في الإجارة؟ فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يجوز، سواء كانت على مدة أو في الذمة. وقال الشافعي: لا يجوز في المدة قولا واحدا. وفي الذمة قولان. واتفقوا على أن العقد في الإجارة: إنما يتعلق بالمنفعة دون الرقبة، خلافا لاحد قولي الشافعي. واختلفوا في إجارة الاقطاع. والمشهور المعروف المقرر من الشافعي: صحتها. والجمهور على ذلك. قال النووي: لان الجندي يستحق المنفعة.
تنبيه: قال شيخنا الامام تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى: ما زلنا نسمع علماء الاسلام قاطبة بالديار المصرية، والبلاد الشامية، يقولون بصحة إجارة الاقطاع، حتى بزغ الشيخ تاج الدين الفزاري وولده. فقالا فيها ما قالا، وهو المعروف من مذهب أحمد.
ولكن مذهب أبي حنيفة: بطلانها.
فصل: وإذا استأجر أرضا ليزرع فيها نوعا من الغراس مما يتأبد، ثم انقضت السنة، فللمؤجر الخيار عند مالك بين أن يعطي المستأجر قيمة الغراس، وكذلك إن بنى: أن يعطيه قيمة بناء ذلك على أنه مقلوع، أو يأمره بقلعه. وقال أبو حنيفة كقول مالك، إلا أنه قال: إذا كان القلع يضر بالأرض، أعطاه المؤجر القيمة. وليس للغارس قلعه، وإن لم