وقال أبو حنيفة: يؤديها الأب عن ولده الصغار الذين لا مال لهم، فإن كان لهم مال، فان أداها من مالهم كرهت له ذلك وأجزأه، قال: ويؤديها عن اليتيم وصيه من مال اليتيم، وعن رقيق اليتيم أيضا.
وقال زفر، ومحمد بن الحسن: ليس على اليتيم زكاة الفطر، وكان له مال، أولم يكن فان أداها وصيه ضمنها.
وقال مالك: على الأب أن يؤدى زكاة الفطر عن ولده الصغار ان لم يكن لهم مال فإن كان لهم مال فهي في أموالهم، وهي على اليتيم في ماله. وهو قول الشافعي.
ولم يختلفوا في أن الأب لا يؤديها عن ولده الكبار، كان لهم مال، أو لم يكن.
قال أبو محمد: ما نعلم لهم حجة أصلا، إلا الدعوى في أن القصد بذكر الصغار إنما هو إلى آبائهم لا إليهم.
قال أبو محمد: وهذه دعوى في غاية الفساد، لأنه إذا لم يقصد بالخطاب إليهم في إيجاب زكاة الفطر، وإنما قصد إلى غيرهم: فمن جعل الآباء مخصوصين دون سائر الأولياء، والارقاب، والجيران، والسلطان؟!.
فان قالوا: لان الأب ينفق عليه رجع الحنيفيون إلى ما أنكروا من ذلك.
ويلزم المالكيين، والشافعيين في هذا أن يؤديها الأب أحب أم كره عنهم، كان لهم مال، أو لم يكن، لأنه هو المخاطب بذلك دونهم، فوضح (1) فساد هذا القول بيقين.
والحق في هذا أن الله تعالى فرضها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم على الكبير، والصغير، فمن فرق بين حكميهما (2) فقد قال الباطل، وادعى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، ولا دل عليه، ثم وجدنا الله تعالى يقول: (3) (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) فوجدنا من لا مال له من كبير أو صغير ليس في وسعه أداء زكاة الفطر، فقد صح أنه لم يكلفها قط، ولما كان لا يستطيعها لم يكن مأمورا بها، بنص كلامه عليه الصلاة والسلام، وهي لازمة لليتيم إذا كان له مال وإنما قلنا: إنها لا تلزمه بعد ذلك فلان زكاة الفطر محدودة بوقت محدود الطرفين، بخلاف سائر الزكوات، فلما خرج وقتها لم يجز أن تجب بعد خروج وقتها وفى غير وقتها، لأنه لم يأت بايجابها بعد ذلك نص ولا إجماع. وبالله تعالى التوفيق.
713 مسألة والذي لا يجد من أي يؤدى زكاة الفطر فليست عليه، لما ذكرنا في المسألة التي قبل هذه، ولا تلزمهم وان أيسر بعد ذلك ولما ذكرنا أيضا.