قيل لهم: كذبتم! ما أوجبه دليل قط، وما جعل الله تعالى رأس النخعي وحده دليلا في دينه: وقد وجدنا الأوقاص تختلف، فمرة هو في الإبل أربع، ومرة عشرة، ومرة تسعة، ومرة أربعة عشر، ومرة أحد عشر، ومرة تسعة وعشرين، ومرة هو في الغنم ثمانون، ومرة تسعة وسبعون، ومرة مائة وثمانية وتسعون، ومرة تسعة وتسعون فأي نكرة في أن تكون تسعة عشر إذا صح بذلك دليل؟! لولا الهوى والجهل *!
فلم يبق الا ما رويناه من عمل عمال ابن الزبير، وعمل طلحة بن عبد الله بن عوف هو أبن أخي عبد الرحمن بن عوف، ومن كبار التابعين جدا بالمدينة بحضرة بقية الصحابة فلم ينكروه.
فنظرنا في ذلك فوجدنا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم في هذا من طريق اسناده الآحاد ولا من طريق التواتر شئ كما قدمنا، ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم شئ لا يعارضه غيره، ولا يحل أن تؤخذ شريعة الا عن الله تعالى، اما من القرآن، واما من نقل ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم من طريق الآحاد الثقات، أو من نقل التواتر، أو من نقل باجماع الأمة، فلم نجد في القرآن ولا في نقل الآحاد والتواتر بيان زكاة البقر، ووجدنا الاجماع المتيقن المقطوع به، الذي لا خلاف في أن كل مسلم قديما وحديثا قال: به، وحكم به من الصحابة فمن دونهم قد صح على أن في كل خمسين بقرة بقرة، فكان هذا حقا مقطوعا به على أنه من حكم الله تعالى وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم سلم، فوجب القول به، وكان ما دون ذلك مختلفا فيه، ولا نص في ايجابه، فلم يجز القول، وقد قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم : (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فلم يحل أخذ مال مسلم ولا ايجاب شريعة بزكاة مفروضة بغيريقين، من نص صحيح عن الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم سلم.
ولا يغترن مغتر بدعواهم أن العمل بقولهم كان مشهورا، فهذا باطل، وما كان هذا القول الا خاملا في عصر الصحابة رضي الله عنهم، ولا يؤخذ الا عن أقل من عشرة من التابعين، باختلاف منهم أيضا، وبالله التوفيق.
قال على: ثم استدركنا فوجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلا شك قد أدرك معاذا وشهد حكمه وعمله المشهور المشهور، فصار نقله لذلك ولأنه عن عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم: نقلا عن الكافة عن معاذ بلا شك، فوجب القول به